توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من «الخشب» إلى «الكرتون»

  مصر اليوم -

من «الخشب» إلى «الكرتون»

بقلم - د. محمود خليل

أوائل السبعينات ألف أستاذ الصحافة الراحل الدكتور "ابراهيم عبده" كتاباً عنوانه: "ومن النفاق ما قتل"، وكما يظهر من عنوانه يعالج الكتاب حالة الضياع التي تعيشها الأمم التي يسودها النفاق، والمآلات الكارثية التي تنتهي إليها.وقبله كتب الراحل "صلاح جاهين" رباعية يقول فيها: "علم اللوع أضخم كتاب في الأرض.. بس اللي يغلط فيه يجيبه الأرض"، ملوحاً إلى الخطر الذي يمكن أن يحيق بالمجتمعات التي يسودها "اللوع"، وتختفي فيها قيم المصارحة والمباشرة، فما أسهل ما تنكشف أمام أصغر "غلطة"، وفي مواجهة أضعف خصم أو عدو.ونبه القرآن الكريم -من قبل ومن بعد- بالدور الذي تلعبه كتائب النفاق والمنافقين في إتلاف الواقع وإفساده، وتهيئته للسقوط والانهيار، وقد جعل الله تعالى المنافقين في الدرك الأسفل من النار: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار".المنافقون داخل أي مجتمع هم الأشيك والأقدر على الخداع باللغة.. إنهم صور قد تأسر العين، لكنهم صور بلا معنى ولا قيمة ولا فائدة، بل هم مصدر الضرر الأكبر على المجتمعات.يقول الله تعالى واصفاً المنافقين: "وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون".كذلك المنافقون في كل زمان ومكان، يصفهم "ابن كثير" في تفسيره للآية الكريمة السابقة: "صور بلا أحلام وأشباح بلا عقول". إنهم كائنات خشبية، بليدة الإحساس، ينصرف تفكيرها إلى ما يحقق مصالحهم، يرخص في أعينهم خراب المجتمعات التي يعيشون فيها في سبيل ما يحصدونه من مغانم، مهما كانت صغيرة.ولأنهم يعرفون أنفسهم، ويعلمون أنهم مفضوحون أمام البشر الذين يعيشون بينهم، فإنهم يتوجسون من أي تلميح يشير إليهم.. أو بالتعبير القرآني: "يحسبون كل صيحة عليهم".. إنهم من الصنف الذي ينطبق عليه المثل المصري الشهير "اللي على راسه بطحة"، وما أكثر البطحات التي تتسكع فوق أدمغتهم.حذر القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وسلم من المنافقين بصورة خاصة: "هم العدو فاحذرهم"، بسبب الخطر الذي مثلوه عليه وعلى المجتمع الذي شيده. ومصدر خطر المنافقين يأتي من وجودهم وسط غيرهم من البشر العاديين، ما أكثر ما يزعمون الحرص عليهم، أو يدعون أنهم الأكثر ولاءاً للمجموع، والأشد دفاعاً عن مصالحه، وحاضره ومستقبله. وغالباً ما ينجحون لبعض الوقت في خداع الناس، إذ أن أمرهم لا يتكشف بسهولة، إلا أن يشاء الله فضيحتهم، ذلك بالنسبة للمنافقين العتاة الذين نقرأ عنهم في كتب التراث، لكن الأجيال التالية اتسمت بقدر كبير من الضحالة، وضعف القدرات حتى فيما يتعلق بالنفاق، وإذا كان منافقو الماضي مجموعة من التماثيل الخشبية المسندة، فقد خلف من بعدهم خلف من المنافقين الأشبة بالكائنات الكرتونية.في كل الأحوال وجود المنافقين مقدمة أساسية من مقدمات التراجع في الأداء وتردي الأوضاع، ونذير بالنكسات والانكسارات وسوء العواقب..لم يخطىء الدكتور ابراهيم عبده -رحمه الله- حين قال "ومن النفاق ما قتل"، لأن هذا الداء يشبه القاتل الصامت الذي يفتك بالمجتمعات دون أن تدري.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «الخشب» إلى «الكرتون» من «الخشب» إلى «الكرتون»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon