توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجمود والانسحاب

  مصر اليوم -

الجمود والانسحاب

بقلم - محمود خليل

مع مطلع العقد الأول من الألفية الجديدة كان مواليد الستينات يخطون نحو الأربعين من العمر، ويعيشون لحظة الإدراك الناضج للواقع من حولهم. كان جديراً بالمتصالحين مع الواقع من أبناء الثمانينات أن يبحثوا لأنفسهم عن فرص أكبر، من منطلق أن الدور جاء على جيلهم لتصدر المشهد، خصوصاً أن الجيل القديم أهلكته السنون ولم يعد قادراً على النهوض بالأعباء المنوطة به.. أما المتخاصمون من أبناء الجيل فكان عليهم أن يدركوا أنهم لن يأخذوا شيئاً من الواقع إلا إذا تغيرت الظروف الحاكمة له، وأغلب الشواهد تقول إن الظروف المحيطة تتجذر أكثر وتثبّت أركانه ليظل على ما هو عليه، لذا بدأ أغلبهم يفكر فى الانسحاب المبكر من المشهد.

هذا العقد يُعد من أغرب العقود التى عاشها جيل الثمانينات، سادته سمتان متناقضتان، الأولى هى الانسحاب، والثانية هى الجمود. فجمود العديد من القيادات فى مواقعها لمدد زمنية طويلة أدخلها فى مربع «القيادة الغائبة»، فهى موجودة على المستوى الرسمى، لكنها منسحبة على المستوى الفعلى، لأن القرار يُصنع خارجها، ويمرر فقط من خلالها.

طرف الانسحاب فى ثنائية «الانسحاب/ الجمود» ساهم فى إغراء قطاع من أبناء الثمانينات بوراثة الدور، وهو القطاع الذى كان يقبع على قمة هرم التركيبة البشرية لهذا الجيل المتصالح مع الواقع، وبدأ يخطط بشكل حثيث لمد قدمه بحيث تصل إلى الموقع وتزيح الساكن فيه وتحل محله، أما طرف الجمود فقد زاد فى يأس الشغيلة والقابعين عند قاعدة الهرم من تغير الأحوال أو تبدل الظروف الجامدة المتيبسة، فلم يكن أمامهم إلا الانسحاب المبكر من المشهد.

عندما يصبح اليأس مبرراً للانسحاب، فلك أن تتحدث عن حالة البؤس التى وصلت إليها نسبة لا بأس بها من جيل الثمانينات خلال العقد الأول من الألفية الجديدة وهم فى الأربعينات من عمرهم. ولا أجدنى بحاجة إلى تذكيرك بالدور الذى يلعبه البؤس فى تعميق حالة المخاصمة للواقع.

لم تسر الأمور على ما تشتهى نفوس المتصالحين مع الواقع من أبناء الجيل خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، بل تعقدت. فقد وجد هذا القطاع أماكن داخل قطار رجال الأعمال، وتمكنوا من حصد مكاسب مهولة لم يكن يتصورها أكثرهم تفاؤلاً، ينطبق ذلك على كل من ركب هذا القطار أياً كانت الدرجة التى ركب فيها، لكن لأن النفس طماعة، وما أقل من يستطيع إلزامها القناعة، فقد ظل الرابحون منغصين بسبب عجزهم عن الحصول على مواقع أخرى على مستوى صناعة القرار، لقد أرادوا السيطرة على كافة المواقع التى يتمركز فيها جيل العواجيز، وسبق طمعهم حساباتهم، ولم يتفهموا أن العجوز يتمسك بالحياة حتى آخر نفس، ولا يسهل عليه بحال التنازل عما يظن أنه حقه، وأنه حصل عليه بجهده، وليس من السهولة بمكان أن يجلس متفرجاً وهو يرى غيره ينقض عليه. فى سياق ذلك باءت محاولات الزحف «المناصبى» للطامحين من جيل الثمانينات بالفشل، فى وقت حققوا فيه الكثير على مستوى الاقتصاد.

أما قطاع المخاصمين من جيل الثمانينات، فقد حملت نهايات العقد بالنسبة لهم نذر تغيير، تأمل معها الكثيرون أن تتعدل الأحوال، وأن يجد الشغيلة أصحاب القدرات والطاقة مكاناً لأنفسهم فى الصفوف الأولى. لمعت الآمال أمام أعينهم للحظات، لكن سرعان ما انطفأت شعلتها مع مرور سنوات قليلة من العقد الثانى من الألفية الجديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمود والانسحاب الجمود والانسحاب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon