توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رحلة «فقاعة»

  مصر اليوم -

رحلة «فقاعة»

بقلم - محمود خليل

أواخر عام 1999 وقبل أيام من 1 يناير عام 2000 اجتاحت مصر شائعة كبرى تقول إن كل أجهزة الكمبيوتر التى تعمل داخل البيوت والمؤسسات والشركات والوزارات فى بر المحروسة سوف تتعطل منتصف ليلة رأس السنة الجديدة، وتمدّد الحديث إلى أن هذه الظاهرة سوف تصيب أجهزة الكمبيوتر فى العالم كله، وأن كوارث سوف تترتب عليها، توازى مع هذه الشائعة واحدة أخرى تقول إن البيانات المخزّنة على أجهزة الكمبيوتر لدى الشركات سوف تختفى أيضاً بسبب مشكلة تتعلق بتغيير التاريخ إلى الألفية الجديدة، وانتعشت فى ذلك الحين شركات الكمبيوتر العاملة فى مصر، لتهيئة الأجهزة للتحول إلى التاريخ الجديد «الألفيناتى».

هذه الشائعات التى استقبل بها المجتمع المصرى العقد الأول من الألفية الجديدة تضع أمامك مؤشراً حول الدور الذى باتت التكنولوجيا تلعبه فى حياة المصريين. والحقيقة أن المسألة لم تكن مقصورة على تكنولوجيا الحاسبات، بل تكاملت معها تكنولوجيا الموبايلات، وتكنولوجيا الأقمار الصناعية. هذا الثالوث التكنولوجى (الكمبيوتر/ الموبايلات/ أطباق استقبال البث التليفزيونى) أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة المصريين، فى شتى المجالات، بدءاً من الألفية الجديدة، وأحدث الكثير من التحولات فى «الجدار الاجتماعى» المصرى فاقت فى خطورتها ما ورثناه عن الآباء من تحولات ضربت الواقع الاجتماعى فى مصر، نتيجة الانفتاح الاقتصادى أو الهجرة إلى بلاد الخليج أو غير ذلك من عوامل.

طوال الستينات والسبعينات من القرن العشرين -وما قبلهما أيضاً- كانت المكتبة تمثل مصدر الوجاهة لدى الأسرة المصرية، لكن مع الوصول إلى أواخر القرن، بدأ الكمبيوتر الشخصى يصبح مصدر وجاهة أهم بكثير من المكتبة، وبات يُشار إلى الأسرة التى تقتنيه كأسرة دخلت عصر الحداثة التكنولوجية الجديد، ورغم أن الكمبيوتر الشخصى لم يكن يفيد فى بدايات ظهوره إلا الشركات أو الأفراد أصحاب الأعمال، وذلك من خلال ما أتاحه من أدوات فى كتابة الملفات باستخدام برامج الوورد، بالإضافة إلى إنشاء قواعد البيانات ومعالجة الأرقام، لكن بعض الأسر كانت تحرص على اقتنائه كنوع من المظهرية، تماماً مثل الأسر التى كانت تقتنى فى الماضى المكتبات الزاخرة بأمهات الكتب، دون أن يهتم أحد من أفراد الأسرة بقراءتها.

بدأ الجانب المظهرى فى اقتناء الكمبيوتر الشخصى فى التراجع وظهرت له أدوار مهمة جديدة على المستوى الاجتماعى والعائلى بعد ظهور الإنترنت، فقد أصبح هذا الجهاز أداة مهمة فى التواصل، وتدعّمت أدواره على هذا المستوى بظهور مواقع التواصل الاجتماعى، خصوصاً موقع «فيس بوك»، وبات جزءاً لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية للمصريين على مستوى التواصل العائلى أو بين الأصدقاء أو الأحباء، بالإضافة إلى دوره كنافذة لما يمكن أن نصفه باستعراض الذات عبر نشر الصور والأخبار الشخصية والتعليق على بعض الأحداث ونثر الحكم والدعوات وخلاف ذلك من أنشطة أساسها «استعراض الذات» بهدف جلب الإعجاب أو التعاطف أو الشعبية، وفى مرحلة لاحقة جلب المال، حين تكثر المشاهدات والتفاعلات مع الفيديوهات والمقاطع السمعية التى يسوقها الشخص على مواقع التواصل.

لقد باتت تكنولوجيا التواصل المتحلقة حول أجهزة الحاسب -ثم الموبايل الذكى- أداة للبزنسة الاجتماعية، أى التسويق الاجتماعى للشخصية عبر الشبكة العائلية وشبكة الأصدقاء، والبزنسة الاقتصادية فى الحالات التى تستخدم فيها مواقع التواصل كأداة لتحقيق الأرباح المباشرة من خلال تعظيم عدد المشاهدات، أو غير المباشرة من خلال استغلالها فى إدارة الأعمال، أو البزنسة السياسية لدى الشخصيات المنخرطة فى العمل العام، والتى باتت مواقع التواصل إحدى أدواتها فى التسويق الشعبى، وقِس على ذلك أنواعاً مختلفة من البزنسة الأدبية والفكرية والثقافية والتعليمية، وبإمكانك أن تمد الخط على استقامته، ليشمل أى مجال تتخيله أو لا تتخيله، باتت مواقع التواصل الاجتماعى أداة أساسية من أدوات ممارسة النشاط فيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحلة «فقاعة» رحلة «فقاعة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon