توقيت القاهرة المحلي 14:11:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المكالمة الأخيرة

  مصر اليوم -

المكالمة الأخيرة

بقلم - سمير عطا الله

كل عام، في مثل هذا الوقت، تكشف الخارجية البريطانية عن مجموعة أخرى من «الوثائق» التي مضى عليها وقت معين في أدراجها. كان بينها هذا العام نص المكالمة الهاتفية بين رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والعقيد معمر القذافي، وقد صدر النص في صحيفة «إندبندنت عربية».

جرت المكالمة عشية الضربة العسكرية التي قام بها الغرب لإسقاط حكم الرئيس الليبي بعد 42 عاماً في السلطة. وكان الغرب قد كلف بلير، الذي على معرفة سابقة بالقذافي، أن يحاول إقناعه بالخروج آمناً من السلطة في حل تتكفل به دول الغرب.

تشكّل الوثيقة صفحة من صفحات التاريخ «اللامعقول» في السياسة الدولية. الوسيط المكلّف يحاول أن يشرح للقذافي ما يجري، وما سوف يتبع على الأرض. والأخ العقيد يرد في لغة الستينات: «يريدون استعمار ليبيا». يعود بلير ويكرر في هدوء، ما معناه أن زمن الاستعمار انقرض. فيجيب الأخ القائد من العالم الذي يعيش فيه: «شعبي يحبني. ضع نفسك في طائرة وتعال إلى هنا لكي ترى بعينيك». ثم يضع سماعة الهاتف على التلفزيون، فيسمع صوت طفل يهتف بحياة القائد.

يأخذ المبعوث البريطاني هتاف الصبي على التلفزيون بالعلم، لكنه يحاول الكرة من جديد بكل هدوء: «سوف تعطى مكاناً آمناً! فهو يستطيع أن يرى من حيث هو، الطائرات الحربية على المدرجات، وكذلك الطائرات التي تزودها بالوقود وهي في الجو». ويعرف أن الجماهير في بنغازي، وزوارة، وطرابلس، أصبحت في الشوارع. العالم كله يعرف أن أربعة عقود من الفاتح، وأسماء الشهور الشاعرية المنقولة عن الثورة الفرنسية، قد انتهت. وانتهت «الكومونة» (الجماعة) المأخوذة من باريس. وليبيا تعرف أن الحياة في الخيالات المترجمة عن الماضي السحيق، قد حانت نهايتها.

إلا الأخ القائد، فهو سيخرج الى الجرذان صارخاً: من أنتم؟. أنهى بلير المكالمة يائساً. ومعها انتهت ليبيا بوصفها بلداً قابلاً للحياة.

عرض المكان الآمن أيضاً على صدام حسين: «تكون بكل كرامتك بحماية زايد وعهده. لكن عزة النفس التي قضت أن ينتهي معمر في عبارة، قضت أن ينتهي صدام في حفرة، لاجئاً عند رعاة الغنم».

هل تستحق السلطة هذه النهايات؟ ألا تكفي أربعة عقود منها؟ وماذا عن الشعوب والدول التي نهلكها في هلاكنا؟

«من بعدي الطوفان»، كان يقول لويس الرابع عشر... وهكذا كان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المكالمة الأخيرة المكالمة الأخيرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon