توقيت القاهرة المحلي 06:46:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شاعر الأبقار

  مصر اليوم -

شاعر الأبقار

بقلم - سمير عطا الله

كان هذا الفتى الهائم ينام أحياناً في الحقول قبل أن يعود إلى منزل أهله متعباً منهكاً، ليس من البرودة التي أضنته تحت شجرة التفاح، حيث يستلقي ليكتب الشعر، أو هكذا خيّل إليه، حتى صار مقتنعاً أنه سوف يصبح ذات يوم شاعراً كبيراً بعيداً عن هذا البحر الداكن اللون، الذي لا تكف أسراب البط عن مداعبته طوال النهار وحتى إسدال الغروب.

كل هذه الرومانسيات لم تكن تعني شيئاً لأبيه الذي فقد عمله هو أيضاً، ولذا أرسله يعمل عند أحد الجزارين في المدينة الصغيرة. وسرعان ما اكتشف الجزار أنه كلما أقدم على ذبح بقرة، انزوى مساعده يكتب قصيدة رثائها. قصيدة في حزن الأبقار، وقصيدة في حب الفتيات. بين هذه وتلك، كان يغرق في القراءة، خصوصاً التاريخية منها. ولم يكن الفتى اليافع قد أطلق بعد لحيته الصغيرة، التي سوف تحمل صورته الوحيدة عبر القرون. وضحى كل يوم عطلة يشارك الشبان المراهقين في ساحة البلدة النكات المالحة وقراءة الشعر، والرقص والأفراح البسيطة. وإذ يكبر قليلاً يقرر الخروج من بلدته وعالمها الصغير إلى مدن وأحلامها الكبيرة. وهناك سوف يجرب نوعاً جديداً من الكتابة: الشعر المسرحي. وهنا يبدأ الغوص في معاني الحياة، ويكتشف خداع النساء، ويبدأ في هجائهنَّ. فما هي المرأة إلا «كاذبة»، و«مخادعة»، و«فظة»، و«محتقرة». و«سوداء كالجحيم»، و«كالحة مثل الليل». لا شك أن كل هذه التعابير كانت تدل على إخفاقه في الحب. ولم يكن يكتفي من إغراءاته، مثلما لا تكتفي النار من الحطب والبحر من الأنهار.

«الحبُّ خطيئتي» يقول في إحدى قصائده المليئة بالمرارة. وسوف يتخيل قصصاً مليئة بالعشق والعشاق، متمنياً كان هو وصلها. وفي موجة من الحنين اخترع أشهر عشاق التاريخ، أو بالأحرى، أشهر عاشقين، روميو وجولييت. وكالعادة اختار لهما جمال إيطاليا وروعة مدينة فيرونا، خشبة يفضلان على مسرحها الموت على التفكر للحب. لقد حوّل المسرح إلى مشغل خاص به، وراح يبتدع الأبطال والشخوص غاضبين وسعداء، خائبين ومجلين، وما شاكل ذلك من نماذج البشر التي مكّنته من وضع ثلاثين مسرحية، جعلته أهم الشعراء الإنجليز أمس واليوم وغداً.

الولد الذي كان ينام تحت شجرة التفاح في سترادفورد على نهر أفون، ويكتب القصائد في رثاء الأبقار، أصبح أحد أعظم شعراء العالم. سمّاه صديقه العبقري هو الآخر بن جونسون «طائر البجع الجميل». ولكن شاعر الجمال هو أيضاً شاعر القوسات: عطيل، ريتشارد الثالث، ماكبث، وسائر أسياد الرعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاعر الأبقار شاعر الأبقار



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon