توقيت القاهرة المحلي 06:58:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خبز وكعك وإشاعة

  مصر اليوم -

خبز وكعك وإشاعة

بقلم - سمير عطا الله

كان سعيد فريحة يكرر في كتاباته قولاً لا أذكر صاحبه، خلاصته، إذا أردت أن تقتل خصماً لا تطلق عليه رصاصة، بل «إشاعة». عشتُ الحياة أختبر عبقرية هذا القول، خصوصاً خلال الحرب الأهلية اللبنانية. كان مؤلفو الإشاعات لا يهدفون فقط إلى اغتيال شخص واحد، بل إلى قتل الجماعات التي لم يروا لأهلها وجهاً من قبل.

الإشاعة تعني سلفاً أن الخبر غير صحيح. لكن الناس تحب تصديق الكذبة وترفض أن تصدق النفي. وتعيش بعض الإشاعات الشهيرة مدى العصور مهما حاول المؤرخون نقضها.

لعل أشهر إشاعة في التاريخ تلك التي طالت ملكة فرنسا زوجة لويس السادس عشر، النمساوية ماري أنطوانيت. فقد نُسب إليها في ذروة الثورة الفرنسية أنه جاء مَن يبلغها بأن الناس جائعون لا يجدون خبزاً يأكلونه، فأجابت: «فليأكلوا الكعك».

دوَّن الحكاية مفكر الثورة جان جاك روسو في كتاب «اعترافات». وسارع الناس إلى تصديقها، كما قاموا بإرسال ماري أنطوانيت إلى المقصلة، بعد عامين من قطع رأس زوجها. غير أن المؤرخين أجمعوا على أنه لا يمكن لماري أنطوانيت أن تتلفظ بمثل هذا القول. رغم ما اشتهرت به من حماقات. ولا يمكن خصوصاً أن تُدلي بهذه الجملة القاتلة، بينما هي تفاوض رجال الثورة من خلال الخطيب الشهير ميرابو. لكنّ الإشاعات لا تخضع للمنطق لأنه إلغاء لها.

يعود «كعك» ماري أنطوانيت إلى الذاكرة كلما أشهر بعض أهل التواصل الكذب والتلفيق والسم في وجه الأبرياء والمشتبهين على السواء. وقد تكثفت حملات التواصل وزادت فنونها وكثر ابتذالها وبذاءتها. ولا شك في أن الكثيرين أعرضوا عنها، لكن ضبطها سوف يستغرق وقتاً طويلاً، تتدهور خلاله أعراف وآداب وأخلاق شتى.

لعب بعض الصحافيين في الماضي أدواراً وضيعة في تدمير حياة الناس. اتهموا الأبرياء تهماً قاتلة معنوياً واجتماعياً، وحتى جسدياً، من دون أي شعور إنساني بالمسؤولية. وكان أحد هؤلاء يوزع التهم السامة في مجلته ومجالسه بالبساطة التي يلقي بها النِّكات السمجة. وقد مات قبل أن يتسنى له الاعتذار من ضحاياه عن الجرائم المجانية التي ارتكبها لأسباب لا تتعدى حقارة النفس وعدمية الخُلق.

كان يكتب الإشاعة، أو يرويها على أنها جزء من عمله وحياته، والارتزاق بالابتزاز. لكن أحياناً كان يرمي السم على الأبرياء هوايةً أو طبيعةً، من دون أن يفكر لحظة في أثرها. والأسوأ أنه كان، إذا فكّر، يمضي فيما يرتكب، متمتعاً بلذة الشر والأذى المرير.

«المهن الحرة» يجب أن يحكمها مبدأ الحرية ورقيها وغاياتها. وإلا تحولت إلى خناجر تدمي كل ما حولها قبل أن ينهيها صدؤها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خبز وكعك وإشاعة خبز وكعك وإشاعة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon