توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبودية لطيفة

  مصر اليوم -

عبودية لطيفة

بقلم - سمير عطا الله

«العادة عبودية»، قالت أمهات الأمثال وخلاصات التجارب. وقد كنت أعتقد أن «الآيباد» اختراع لطيف، دخل حياتنا ومعه جملة من الفوائد الحديثة في العمل والسلوى، وماذا أكثر؟ وبرغم إخفاقي في الانتساب إلى العصر الضوئي، فإن القليل الذي أفدت منه في استخدام «الآيباد» كان جماً. أول وأعظم الاشياء أنني أقرأ صحفي صباحاً وأنا في غرفتي. وثاني الأهميات، التأكد من الأسماء، والتواريخ، واستذكار الأقوال والأحداث. ومن ثم التأكد من سلامة اللغة. والمطالعة بلا حدود. وجدول الضرب. وشراء الكتب الصادرة حديثاً. أو قديماً.

من دون أن أدرك، اكتشفت أن «الآيباد» أصبح رفيقي الأول في حياتي اليومية. معلم وصديق ومساعد ورن موسيقى، وأرشيف، وذاكرة، ومدقق لغوي، وابن منظور، ولم يبق سوى أن يغلي لي قهوة الصباح، وأعتقد أنه قريباً سوف يفعل.

لكنه الآن معطل، ولذا فأنا في العصر الحجري. لا وسيلة لدي أعرف ماذا يدور في العالم، ولا ماذا حدث له (العالم)، منذ أن ذهبت إلى النوم الليلة (البارحة)، وبالتالي، عن ماذا أكتب. فقد يكون حدث مهم قد وقع ولم أدرِ به.

بعد يوم واحد من معرفة استخدام هذا اللوح الساحر، تكون قد أصبحت إنساناً ذا مؤهلات. وتخرجت من مدرسة على أعتاب العلم. وبين يوم وآخر، يتحول قول شكسبير الشهير، «المسألة هي أن تكون أو لا تكون»، إلى تعرف، أو لا تعرف. وبعد تعطل «الآيباد» عدت إلى فئة الذين لا يعرفون.

العادة جميلةٌ وقاسيةٌ. تعيش كل عمرك من دون شيء ما، وعندما تفقده لا تعرف أن تعيش يوماً واحداً من دونه. كل ما كنت تعدّه اختراعاً مذهلاً يصبح ضرورة مألوفة يصعب الاستغناء عنها.

بمجرد أن ينطفئ ضوءٌ صغيرٌ في آلة عجيبة، تعود إلى القرون الوسطى. يصبح من أجل الحصول على جريدتك، يجب أن ترتدي ثيابك وتذهب إلى المكتبة وتتبادل التحيات مع الناس. وقد تصل المكتبة وتجد أن الصحف التي تريدها قد نفدت، فتضطر إلى شراء ورق من التفاهات المؤذية للنفس والروح والجسد. هذه، مثلاً، محنة أنت مُعفى منها منذ ظهور «الآيباد».

في غياب «الآيباد» أصبحتُ مثل الأعسر الذي يُرغم على الكتابة باليد اليمنى. كل شيء في دماغه في مكانه الطبيعي. أي على اليمين. إلا يدْ اليسرى، فهي على اليسار. إذن، أين الخطأ؟ الخطأ أنها تستولي - حبياً - على وظيفة اليد اليمنى. وبذلك يحدث اختلال عفوي يراه الآخرون، ولا يعني شيئاً لصاحبه. إذ يبدو الأعسر وكأنه «يكوّع»، لا سمح الله، وهو رجل مستقيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبودية لطيفة عبودية لطيفة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 23:00 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بشراء الملابس

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:18 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

أشهر مميزات وعيوب مواليد برج العذراء

GMT 23:49 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon