توقيت القاهرة المحلي 13:57:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأقدام تتقدم

  مصر اليوم -

الأقدام تتقدم

بقلم : سمير عطا الله

أطلق توفيق الحكيم قولاً شهيراً في السخرية من ثروات لاعبي كرة القدم، عندما قال: «انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم».إن لاعباً مصرياً واحداً يجني من المال ما لم يعرفه أدباء مصر مجتمعين منذ أيام أخناتون.

قال صاحب «اليوميات» هذا القول قبل نحو 35 عاماً. وهو قول فيه غيرة لا معنى لها، لأنه باستثناء السجع في الجملة، فلا منطق لها. اللاعب يجني ثروته من مهنة تدر مئات الملايين، والكاتب يؤمن دخله من مهنة لا تزال تثير الشفقة في بلاد مثل بلداننا، ولو أنها تحولت إلى صناعة وتجارة كبرى في الدول التي تقرأ.

استند الحكيم إلى مثال خاطئ لكي يعبّر عن مراراته. ونسي أن في الصحافة نفسها، الأكثر مبيعاً هي التي تكتب بالقدم. ولو عاش لأدرك أن هموم الأكثرية الساحقة من الناس تتابع أخبار الرياضة ولا تترك للسياسة والأدب سوى اللمحة العابرة. وكان الحكيم يتحدث عن «ملايين الجنيهات»، لكن ثروة بعض اللاعبين الآن تفوق الملايير، ويتمتع العشرات منهم بعشرات ومئات الملايين.

كانت شكوى الحكيم في الحقيقة من يأس الكتّاب، وليس من غنى اللاعبين. خصوصاً كتاب النخبة. وكانت مبيعات إحسان عبد القدوس أضعاف أضعاف عبد الرحمن بدوي، أو لويس عوض.

يتحكم «السوق»، أو «الاستهلاك» بقواعد الحياة كلها. ولم تعد هناك قواعد أو منطق أو معقولات. ماذا لو أدرك الحكيم أرقام بيزوس والجنوب أفريقي سيسبونيسو غاكسا. إن أرقام أثرياء اليوم تتجاوز طاقة الكمبيوتر على الحساب، وكنا نفاخر طوال قرون بأننا اكتشفنا الصفر، لكن التكنولوجيا اليوم جعلت كل ما قبلها صفراً في جدول العلوم.

قام أدب الحكيم على الماضي. استلهم الكثير من تراث وأدب الفراعنة، ثم كانت صدمته الثقافية الكبرى عندما ذهب إلى باريس، هو وطه حسين، وقبلهما عبد الرحمن الكواكبي، وهناك اكتشفوا أن ثمة شيئاً مبهراً هو أيضاً يدعى المستقبل. وهذا المستقبل لم يتوقف. إنه الآن «الذكاء الاصطناعي» و«أبل» التي أسسها شابٌ من حمص هو ستيف جوبز، حيث تجري الآن مساع حثيثة لتأسيس جمعيات النهضة الثورية الكبرى، وإحياء تراث «وعد بن وعد المكنّى» بكاشف الغطاء عن أسباب الفصل بين «الباء والياء».

تشكل الرياضة التي شكا منها الحكيم جزءاً مهماً من اقتصاد العالم، وبعض الفرق تشكل «القوة الناعمة» لدول مثل البرازيل، أو لدول شديدة التقدم مثل ألمانيا وفرنسا. القول الذي بدا ساخراً في حينه يبدو مضحكاً اليوم. بعكس أعماله الأخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأقدام تتقدم الأقدام تتقدم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon