بقلم- سمير عطا الله
المرة الوحيدة التي كتبت فيها مدافعاً عن العقيد معمر القذافي كانت يوم اعتُقل وعُذب بطريقة همجية، وقُتل ثم عُرض جثمانه في خيمة طوال أسبوع، في مشهد لا يليق حتى بالسفلاء. كان المفترض، وقد اعتقل، أن يحاكم ولو على الطريقة العربية، وأن يمضي حياته في السجن متأملاً قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إن العفو أعظم من العدل.وهو مما لم يمارسه العقيد، الذي ألغى القضاء، وسلَّم القانون إلى مجموعات من الزُمر. لذلك؛ عندما بدأت ظاهرة سيف الإسلام تترسخ، شعر كثيرون من العرب أن الحل الوحيد للتخلص من مشهد العباءات الثقيلة والخيام المنصوبة في عواصم العالم، من دون فوضى ودماء وحروب، هو وصول شاب يعرف العالم والأمم، كما يعرف أنه آن الأوان لعودة ليبيا بلداً عربياً أفريقياً لايزحف يوماً على مصر، وآخر على التشاد.
لكن المرشح للرئاسة الليبية الآن أمر آخر، إنه نقطة افتراق عميقة وثارات كثيرة من الماضي. وقد شدد الابن على ذلك عندما ظهر بالثوب الجماهيري، لا بالثوب الوطني، الذي كان يوحّد الليبيين مهما اختلفت مشارقهم ومغاربهم. ثمة فارق كبير بين الشاب الواعد الذي كان يطل على العالم، وبين الرجل الذي أصر على مظهر ملك ملوك أفريقيا. تحتاج ليبيا بعد هذه الرحلة الصعبة في ديار التفكك والتفتت إلى رجل يحاول إعادة توحيدها وينسيها 40 عاماً من الفوضى والبلبلة وشن الحروب على 50 دولة «كانت تعلن عليه الحرب»، كما قال في التسجيل الذي كشفت عنه أرملته منذ قليل.
ليبيا في حاجة إلى رئيس يدلها على طريق المستقبل. الماضي أصبح بعيداً وسحيقاً. رئيس يحاول أن يستعيد ما استطاع مما هُدر وسُرق من ثروات، وأن ينسى وينسيهم الحرب العالمية الثالثة والنظرية العالمية الثالثة. أضاعت ليبيا الكثير من المال والوقت واللحمة الوطنية. وكان في مقدور رجل في كفاءة سيف أن يوحّد الناس في نقطة التحوّل التاريخية هذه، وأن يقدم الاعتذار لليبيين ويعدهم بمستقبل أفضل. لكنه اختار البقاء في الماضي بكل صوره، وخصوصاً صورة التحدي. وإذ رُفض قبول ترشيح سيف، بقي المرشحون الآخرون ومنهم السادة: الدبيبة، وحفتر، وباشاغا، والنايض، والمزْوَغي، وناكر، وبن شتوان، وزامونة، وشوايل، والغويل، وعميش، واكشيم، وزهيو، وبعيّو، والسيد أسامة البرعصي. موفقون.