توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غريب البلدان

  مصر اليوم -

غريب البلدان

بقلم - سمير عطا الله

كان جواز السفر اللبناني في مطارات العالم خلال حربنا الماضية شيئاً مثل الطاعون والهواء الأصفر وكورونا، التي لم تعرف بعد. فأنت قادم من بلد يقتتل فيها الناس على الهوية، ويقيمون فيما بينهم الحواجز والسواتر الترابية، وينكر فيه الصديق صديقه، ويطرد الجار جاره.
لذلك طفق اللبنانيون في ديار العالم يطلبون الأمن والسلامة وأي جنسية يتحنن بها أي بلد. كانت بريطانيا ملجأنا ولندن حظنا. وبعد انتهاء فترة الإقامة اللازمة تقدمنا بطلب إلى الملكة، وبعد قليل صار لنا جواز سفر يحمل غلافه صورة تاجها. وبرغم انحسار الإمبراطورية، ظل للتاج هيبة ووقار. وما إن يلمحه ضابط المطارات والقطارات والبحار، حتى يؤشر لك بكل مودة، تفضل يا مواطن «صاحبة الجلالة».
لم يعد أحد يختم على جوازك تاريخ الدخول والخروج. ولا يسألك لماذا أنت قادم ومتى حضرتكم تغادرون إلى الربوع بالسلامة. ولم تتردد موظفة شرطية في مطار روما مرة بالقول وهي تتأمل الجواز: نيالك! أو يا بختك، فقلت على ماذا يا سنيورة، فغضبت غضبة مضرية قائلة: «على ماذا يا مغفل؟ على لندن».
امرأة من روما، وتحسدك على لندن؟ حامل الجواز نفسه كان قبل سنوات يثير الهلع في مطار فيومتشينو عندما تشاهد الموظفة صورة الأرزة على الغلاف، وتقرع أجراس الإنذار السرية تحت مكتبها بما معناه: جواز أزرق عليه أرزة، كيف نتصرف. بلغونا.
نعمة كان الجواز البريطاني. لا رعب في المطارات، ولا طوابير بلا نهاية لطلب التأشيرات، ولا تدقيق في روابط إلا الاسم بين عطا الله وآية الله. لكن النِعَم لا تدوم. ولا أدري ماذا خطر للإنجليز لأن يَخرجوا من الوحدة الأوروبية إلى «بريكست» ويخرجونا معهم. ويا مولانا، حقاً، «يا للهول». أمس، للمرة الأولى منذ عام 1989 تاريخ انضمامنا إلى الكومنولث، وصلتُ إلى فرنسا ووقفت في طابور جميع الجوازات. وبكل أدب، ولكن بكل حزم أخذت شرطية المطار ختمها وطبعت لي تاريخ الوصول. وفسرت لي ما معناه، أن أنتم حاملو هذا النوع من وثائق السفر أوروبي أكثر من ثلاثة أشهر، ومبروك عليكم بريكست.
شعرت بانقباض. فأنا في حاجة إلى البقاء مدة أطول في فرنسا خلال الصيف. وفكرت أنني سوف أثير المسألة مع الملكة عندما أكتب لها مهنئاً بيوبيلها الماسي. لكنني تنبهت إلى أن المعني في هذا الأمر ليس الملكة، وإنما هو المسيو ماكرون، وهو الرجل الذي يجب أن أكتب إليه. إلا أنني أعرف جوابه سلفاً: الأفضل أن تعود إلى بوريس جونسون، وتسأله: هل كانت المسألة تستحق بريكست؟ من المؤسف أن يصير المرء غريباً مرتين في فرنسا. مرة كلبناني ومرة بريكست. بالإضافة إلى الغربة الكبرى في بلد المنشأ!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غريب البلدان غريب البلدان



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon