توقيت القاهرة المحلي 02:22:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاربون مستعربون: ترسم خطوط الصحاري

  مصر اليوم -

عاربون مستعربون ترسم خطوط الصحاري

بقلم - سمير عطا الله

إذا كان البريطاني «لورنس العرب» أشهر المستعربين الغربيين، فإن غرترود بيل هي أشهر المستعربات على الإطلاق. إلا أن المرأة التي درست علم الآثار في جامعة أكسفورد تركت للإمبراطورية البريطانية وللعرب آثاراً باقية وخرائط منجزة، أكثر بكثير مما ترك لورنس الحالم الأبدي، الذي خلط ما بين الإمبراطورية البريطانية، وما بين الإمبراطورية العربية، التي كانت يومها في حالةٍ من الضعف والتقهقر والفقر.

كانت بيل، إضافة إلى أنها عالمة آثار، أشهر بطلة تسلق. ولذلك انبهر الرجال بقوتها العلمية والجسدية على السواء. ويُنسب إليها أنها رسمت حدود العراق الحديث من بين الولايات العثمانية الثلاث، الموصل وبغداد والبصرة. وكتبت إلى والدها ذات يوم: «أمضيت صباحاً (جيداً) في المكتب، اليوم أرسم الحدود الصحراوية الجنوبية للعراق».

كان ذلك في 4 ديسمبر (كانون الأول) 1921. كانت الآنسة بيل تعمل إلى جانب المندوب السامي البريطاني السير برسي كوكس، الذي نرى اسمه على تغييرات كثيرة في المنطقة، أو «ثبوتات» كثيرة أيضاً. مثل الإبقاء على الجبال الكردية كحاجز ضد تركيا وروسيا. ومثلما رفع الفرنسيون شعار «تمدين الشعوب»، هكذا كتبت بيل إلى والدها ذات يوم عن ضرورة «تحضّر» العراق.

يجب ألا ننسى أن بيل تنتمي إلى عائلة أرستقراطية صناعية شديدة الثراء. غير أنها على ما يبدو، لم تكن مرغوبة في سوق الزواج. وهكذا، اتجهت إلى تعلّم اللغات والسفر، وكانت أول رحلة، وأول لغة الفارسية في إيران عام 1892، حيث كان عمها سفير بريطانيا. وفي عام 1897 درست اللغة العربية في القدس، ووضعت كتاباً عن سوريا. وفي 1914 قامت برحلة إلى الجزيرة العربية.

أعطيت بيل لقب الخاتون؛ أي السيدة الجميلة. وقد أعزاها كثيراً تقرب العراقيين منها. وكتبت إلى والدها عام 1921: «بينما كنا نسير عائدين عبر حدائق الكرادة، كان الجميع يتعرفون إليّ ويلقون عليّ التحية. وقد قال لي نوري السعيد إن أحد الأسباب التي تثير الاهتمام بك بين الناس هو أنك امرأة. هناك خاتون واحدة في العراق، وسوف يستمرون في الحديث عنكِ». غير أن السيدة الجميلة سوف تقوم بعرض للقوة عندما تحضر مناورات السلاح الجوي البريطاني وهو يقوم بغارات على الأكراد في منطقة السليمانية.

أما في داخلها، فيبدو أن المرأة القوية كانت تعاني من الاكتئاب والوحدة. برغم أنها أنجزت أحد أهم الأعمال، وهو إنشاء المتحف العراقي. ويبدو أنها كانت تتعاطى أدوية لمعالجة الكآبة. وعندما توفيت وهي في السابعة والخمسين من العمر، تبين أن ذلك كان بسبب جرعة زائدة. ولم يتضح بعد ذلك إذا كانت الجرعة مقصودة رغبةً بالانتحار، أم مجرد خطأ مميت.

دُفنت الخاتون في مدينتها الأثيرة، بغداد. واستمر «عراق غرترود بيل» من بعدها لفترة قصيرة، بدءاً من انقلاب عبد الكريم قاسم، ثم المرحلة الناصرية القليلة، وصولاً إلى «البعث»، الذي ضم الرفاق قبل أن يصبح بعث صدام حسين، ومن ثم ما أصبح عليه الآن.

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاربون مستعربون ترسم خطوط الصحاري عاربون مستعربون ترسم خطوط الصحاري



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon