توقيت القاهرة المحلي 23:04:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استئذان بعدم العودة

  مصر اليوم -

استئذان بعدم العودة

بقلم - سمير عطا الله

تخطَّت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، كل سابقة في تاريخ العمل الدبلوماسي عندما وجّهت إلى اللبنانيين مباشرة، وليس إلى الدولة، رسالة عتاب ونقد وتأنيب، وهي تودعهم بعد ثلاث سنوات منهكة من «متلازمة الاستعصاء اللبناني».

في خطاب مطوّل، مكتوب بالدرجة الأعلى من لغة بودلير، قالت لفرقة الدلع والتدلل والنكران والسماجة: «لولا فرنسا أين كنتم الآن؟!». وقد كان على سفيرة فرنسا أن تقرأ كل يوم، هنا وهناك، مقالاً أو بياناً أو تصريحاً، يتهم فرنسا بالتقصير أو الانحياز أو التخلي أو المصلحة الذاتية، أو البحث عن شراكة نفطية، إضافة إلى اتهامها بالسعي إلى تعيين لبناني من أصدقاء الرئيس ماكرون، حاكماً للبنك المركزي، وكأنما لا يزال هناك، على وجه الأرض، من يمكن أن يقبل كرسي رياض سلامة.

منذ انفجار مرفأ بيروت قبل عامين، ومجيء الرئيس ماكرون فوراً لتفقد ميناء القتل والدمار، لم يبقَ شيء لم تفعله فرنسا. ولم تبقَ زيارة أو جولة أو استرضاء لم تقم به آن غريو. وبينما كانت مدن فرنسا تشتعل، كان الإليزيه خلية أزمة لإقناع اللبنانيين بالتصالح والتوافق وانتخاب رئيس للجمهورية. وكان اللبنانيون يشمتون في صحفهم ومجالسهم من... فشل فرنسا في أرضها.

وقد انقسموا قسمين: واحد يريد أن تكون فرنسا موظفة عنده، وآخر يريدها أجيرة تحت التجربة. وتعامل بعضهم مع آن غريو على أنها تتجاهل أفضال لبنان التاريخية على فرنسا. هل أبالغ؟ إطلاقاً. هذا تقليد لبناني قديم. فمن الدول الكبرى من دوننا، من دون موقعنا ودورنا التاريخي؟ ومن أنتم؟ من أنتم؟

رجاءً العودة إلى النص الذي قرأته آن غريو. إنه رسالة في الأدب والحب والعتب والشجب. أغلقت باباً وتركت ألف باب. أي عمر العلاقة الفرنسية اللبنانية، العلاقة بين دولة كبرى لم تغير عهدها، ودولة صغيرة تودع وتستقبل على الميناء جميع أنواع القادمين، وجميع أنواع النيترات.

كم تشعر آن غريو بحريق في القلب بحيث تودّع اللبنانيين بهذه الرسالة. وفي اعتقادي، بل في قناعتي، إن هذه الصياغة البودليرية الموجعة ليست صياغتها وحدها. لا شك أن الإليزيه نفسه كان شريكاً في الصياغة أيضاً. هذه ليست رسالة سفيرة تودع بلداً، بل دولة تعاتب صديقاً نزقاً مدللاً دلعاً يرفض أن يبلغ سنّ الرشد، أو حتى سنّ الفطام.

جاءت فرنسا إلينا برئيسها وجيوشها ومساعداتها ووقار مبعوثها السبعيني يجر ثلاث حقائب في مطار بيروت، حيث يدخل (أو يخرج) آخر طرطور بموكب من ثلاثين مرافقاً ربّاعاً. وها هي تسافر الآن سفيرتها، وليس لديها ما تقوله للفرنسيين عن سنوات عملها. ما لديها قالته للبنانيين. وداعاً للدبلوماسية برمّتها، إذا كان هذا جزاءها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استئذان بعدم العودة استئذان بعدم العودة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:53 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
  مصر اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
  مصر اليوم - حسن الرداد وإيمي سمير غانم زوجان للمرة الثالثة في رمضان 2025

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon