توقيت القاهرة المحلي 11:21:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أعظمهم... وبلا موهبة

  مصر اليوم -

أعظمهم وبلا موهبة

بقلم:سمير عطا الله

كانَ عمال الطباعة يكرهون نصوصه. فهو يصحح الخطأ فوق الخطأ. وفي خط متعرج غير واضح، وعندما قرأه كبار الأدباء في البداية مثل فولتير وفلوبير، قالوا إنه غير موهوب وغير صالح للنشر، ولكن بعد محاولات قليلة، سوف يقول هؤلاء إن الرجل القصير القامة، السمين، العريض الساقين، هو بالإجماع أعظم روائيي فرنسا.

كذلك، قالت الدوقات والماركيزات اللواتي لم يكنَّ يردنَّ عليه التحية، وعندما سئل أحد النقاد: من هو أعظم الروائيين؟

قال إنه «بلزاك، للأسف».

لا يمكن الجدال حول ادعاء بلزاك بلقب أعظم روائي فرنسي في كل العصور: لقد شق طريقه ببساطة إلى هذا المنصب، مدفوعاً بالكتلة الهائلة من العمل. يبلغ إجمالي عدد الممثلين في مسرحيته «الكوميديا الإنسانية» نحو 3500 شخصية (بما في ذلك عدد قليل من الحيوانات). في كل الأدب الغربي، لم يقترب سوى شكسبير وديكنز من مثل هذه الخصوبة المذهلة. وقيل إن الانخراط في قراءة كاملة للكوميديا الإنسانية يشبه الصعود على طوف، ومحاولة النزول في نهر جامح: بمجرد أن تبدأ، لا يمكنك التوقف، ويتم حملك بعيداً إلى عالم آخر، أكثر إثارة، وأكثر كثافة، وأكثر واقعية من المشهد الممل الذي تركته على الشاطئ. كل شيء أكبر من الحياة. لاحظ بودلير أنه في روايات بلزاك، حتى البوابون لديهم عبقرية.

البدايات الأدبية لبلزاك مذهلة، أجل نجح في تحويل نفسه إلى عبقري دون أي موهبة واضحة. في سن السادسة عشرة، عقد العزم على أن يصبح عظيماً ومشهوراً. وفي العشرين، قرر أن الأدبَ يجب أن يكون المجال الذي سيحصد فيه المجد والحب والثروة.

كانت السنوات العشر التالية كئيبة: لقد أنتج سلسلة طويلة من الروايات غير القابلة للقراءة. وكما وصفها بودلير: لا يمكن لأحد أن يتخيّل مدى سخافة وغباء ذلك الرجل العظيم في شبابه. ومع ذلك فقد نجح في أن يكتسب، إذا جاز التعبير، ليس فقط أفكاراً عظيمة، بل أيضاً قدراً هائلاً من الذكاء. ولكن بعد ذلك لم يتوقف عن العمل أبداً.

أخيراً، عندما بلغ الحادية والثلاثين، حقق إنجازاً كبيراً مع أول أعماله المنجزة، «جلد الحزن». كما حقق نجاحاً تجارياً فورياً. على مدى السنوات العشرين التالية - حتى وفاته، في الواقع - كانت إبداعاته العظيمة تتبع وتيرة مذهلة. ومع ذلك، فقد ثبت أن النجاح الأدبي كان بمثابة لعنة: فمن أجل الإبداع، كان يتخلى فعلياً عن الحياة. وكان الأمر كما لو كان عليه أن يموت لكي يحقن الحياة في رائعته «الكوميديا الإنسانية». بكل معنى الكلمة، كتاباته قتلته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أعظمهم وبلا موهبة أعظمهم وبلا موهبة



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 08:12 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 10:55 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ارتفاع كبير في حالات حمى الضنك من حول العالم
  مصر اليوم - ارتفاع كبير في حالات حمى الضنك من حول العالم

GMT 00:24 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

فاكهة شتوية تحميك من مضاعفات السكري

GMT 07:34 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

هيفاء وهبي تظهر بـ"لوك" جديد خلال أغنيتها "توتة"

GMT 21:55 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة بإطلالة مثيرة في أحدث جلسة تصوير

GMT 20:14 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الأرصاد الجويّة تحذّر من عاصفة جوية يومي الخميس والجمعة

GMT 16:18 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

آيسر تطلق لاب توب Triton 700 للألعاب بمواصفات مميزة

GMT 17:12 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يعتمد الحكم الخامس في مباريات كأس مصر

GMT 16:24 2017 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

نسرين طافش تنشر صورة لها على "تويتر" بالزي الجزائري

GMT 05:17 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مطلقة ترامب تبرئ مايكل جاكسون من التحرش بالأطفال

GMT 06:37 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة إعداد سلطة الباذنجان بالخضروات بأسلوب سهل

GMT 22:53 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يهزم الإنتاج الحربي بهدفين لهدف

GMT 01:51 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ساندي تبهر متابعيها من أحدث ظهور بالأصفر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon