توقيت القاهرة المحلي 04:57:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جار البط

  مصر اليوم -

جار البط

بقلم - سمير عطا الله

كان ذلك في الماضي. والماضي شيء مضى. وقد سمّي كذلك لأنه لا يعود. كلها تمضي. أشياؤه الجميلة، وأشياؤه الثقيلة. وفي ذلك الماضي كنتُ أشعر بالحنين إلى بيروت أينما كنت. وأحياناً يبدأ الحنين ليلة السفر. لا أعرف تماماً إلى ماذا أحن. لا شيء محدداً على وجه الضبط. مجموعة من الناس والأشياء والعادات والمشاهد التي فيها شلالات وجداول وأطياف من زمن الحب. الأول، والثاني، والثالث عشر. عدد ملوك فرنسا ونيّف. وهذه تلفظ مع شدَّتها، لأن أحد وزراء الثقافة الذي جاء به الإخوان السوريون، كان يلفظها «نِيفا» مكسورة، صلعاء من شدّتها، أو تاجها.

ولم يكن ذلك مهمّاً. فقد كان الرجل طيباً وظريفاً. وعندما لفته أحد أصدقائه إلى العلّة اللغوية قال ضاحكاً: «بسيطة يا زلمي، شدّة بالناقص، شدّة بالزايد، مش راح يزعل عمك سيبويه». و«الشدة» بالعامية هي أيضاً النعل.

وكنت أحن إلى بيروت. وكلما شكوت أمري إلى العميد ريمون ادّه في باريس، أثناء الحرب، كان يقول في خفة ظلّه الحاسمة «كبّر عقلك، بيروت لن تعود كما عرفناها. بدك تتحمل باريس». ثم يضحك.

لم نكن نصدق العميد. كنا نظن أنها إحدى نكاته المريرة على سياسة لبنان. وبقيتُ أحن إلى بيروت. وأكتب عنها – ولها – أنها مدينة الحريّة. مدينة الحرية وأنا أعيش في لندن، قبالة الهايد بارك، وأسراب البط التي تضرب أجنحتها في المياه اعتراضاً على تأخر الربيع وبزوغ زهر الدافوديل الأصفر.

لك أن تحكم على النسبة العقلية: رجل يعيش قبالة الهايد بارك حيث تُلقى خُطب الحريات ضد الملكة والحكومة والصحافة، وتأييداً لمحمد الفايد، ويشعر بالحنين إلى بيروت.

لكن هذا ما حدث. ولقد حدث طويلاً. وقد بعنا شقتنا المطلة على أسراب البط، وعدنا إلى بيروت. وهنا أيضاً تنتقد الحكومة والدولة، إذا وجدتا. لكن هنا، إذا ذهب وزير الثقافة كاره الشدَّة، جاء للثقافة وزير علاقته الوحيدة «بالثقافة»، أنه من أقرباء السيدة الأولى. أي عقيلة الرئيس الأول. وكانت حكومتنا في لندن برئاسة مارغريت ثاتشر، التي ذهبت إلى جزر الفوكلاند تقاتل الأرجنتين من أجل سيادة بلدها. وهنا لا يخلف سيادة الرئيس ميشال عون أحد.

سوف تقولون كان في الزمان رجل باهر الذكاء يسكن قبالة أسراب البط في لندن ويحن إلى بيروت، فعاد إلى بيروت ولم يجدها. ذهبت إلى الماضي. والماضي كما كان يؤكد «العميد» لا يعود. وأنا كلما فكرت في بيروت يملأني الحنين إلى أسراب البط في بحيرة الهايد بارك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جار البط جار البط



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon