توقيت القاهرة المحلي 04:57:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قصة متقاعديْن

  مصر اليوم -

قصة متقاعديْن

بقلم - سمير عطا الله

كان الشباب في دول الكفاف يطلبون ضمان الوظيفة الرسمية، خصوصاً في حقلين، الجيش والتعليم. انتقل هذا التقليد من الرتباء والعرفاء إلى الضباط. تصادف في عائلة شقيقة زوجتي، الكبرى، أنها دخلت سلك التعليم، ودخل زوجها سلك الضباط في الجيش. وشاء قدره أن يتخرج في دفعة واحدة مع الضابط ميشال عون.

ذهب عديلي إلى التقاعد برتبة «عميد» بدل رتبة «لواء»، حيث كان محسوباً على مؤيدي عون، إلا أن مزايا الخدمة في الجيش لم تتغير: طبابة العائلة، وسائقها، وأقساط المدارس، وتعاونية الأغذية، والنادي العسكري... وخلافه.

في الوقت نفسه، تقاعدت زوجته بوصفها مديرة مدرسة. وشكّل المعاشان دخلاً لائقاً بعائلة متوسطة بضع سنين، ثم حدث تغيير في البلاد، إذ حقق ميشال عون حلمه برئاسة الجمهورية، بعد قيادة الجيش ورئاسة حكومة «الشرقية» المؤلفة منه ومن ضابطين آخرين من لون طائفي واحد، للمرة الأولى في تاريخ البلد. وبعد فترة انتقل عون وتياره من الحرب ضد سوريا إلى الحرب معها، وأصبح رئيساً للجمهورية.

لم تتوفق الجمهورية كثيراً في عهد عون. ارتكب رئيس حكومته، حسان دياب، في حق لبنان ارتكابات اقتصادية فاحشة، وارتكب حاكم البنك المركزي في حق اللبنانيين جرائم مالية موصوفة. وبلغ السوء ذروته في انفجار الميناء، الذي تبين أن الذين حذروا منه ميشال عون وحسان دياب (د.ع). بعد ذلك أصبح انهيار البلد، والاقتصاد، والدولة، أمراً تلقائياً. وكان أول المتضررين، الجيش، فعليين ومتقاعدين، وثاني المتضررين هو المعلمون والمعلمات، في الخدمة أو في التقاعد.

تقبل الناس المصائب، ونفى العهد مسؤوليته عن أي شيء. بينما مر رياض سلامة من وجه القضاء اللبناني، والعدالة الألمانية، والفرنسية، والبريطانية، ودوقية اللوكسمبورغ، وطارت ودائع الناس، فقراء وأغنياء، وانزوى عديلي في منزله بعدما أصبح راتبه التقاعدي وراتب زوجته معاً راتب عريف في الخمسينات.

كان هو وهي مجرد نموذجين عما حل بمئات الآلاف من البشر. وفي هذا اليأس الذي أطبق على اللبنانيين جميعاً، أصبحت حالة «العديل» لا تستحق الذكر، لكن بالنسبة إليه وإلى زوجته كانت حارقة. ولم يخطر لأحد منا أنها كانت قاتلة أيضاً. أصيب العديل بمرض منذ نحو عامين، وخسرناه قبل أن نفقده. توحد واختلى إلى حزنه، غير أن العائلة كان يمزقها خوفها على شريكة حياته ورفيقة حياتنا. وكان الجميع يناديها «ماما» حتى الأكبر منها سناً. وكانت أماً لزوجتي أكثر مما هي لأبنائها.

قبل شهر ودعنا «العديل» في صمت. ومنذ أيام ودعنا ماما. وكان من أحزن الوداعات. كنا نعتقد أنها «مهمة» عائلية لا تنتهي حتى بفقدان «النصف الآخر»، لكن كانت لها طقوسها في الحياة والشراكة.

ويوم وداعها، كان المتقاعدون في بيروت يتظاهرون مطالبين الدولة بأن تنصفهم، وكانت الدولة ترد على مطالبهم... بالعصي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة متقاعديْن قصة متقاعديْن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon