توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخديو المبذر

  مصر اليوم -

الخديو المبذر

بقلم :سمير عطا الله

ولد روبير سوليه في القاهرة عام 1946، وتركها إلى باريس بعد 18 عاماً. لكن مصر لم تتركه. كل عامين أو ثلاثة يَصدر للرجل كتاب آخر عن تاريخ مصر المعاصر، أو رواية عن أحد أبطاله.
كأنما تعمد صحافي «الموند» هذا، أن يخرج من اليوميات لكي يقدم لقراء الفرنسية صوراً موضوعية ساحرة من تاريخ وطنه الأم. وبعض هذه الكتب تُرجم إلى العربية أيضاً، مثل «طربوش» و«السادات». وفي واجهات باريس مؤخراً صورة لرجل ملتحٍ يعتمر طربوشاً قصيراً وله عينان زرقاوان يدعى إسماعيل باشا، على غلافه الجديد.
أجل، هو نفسه الخديو إسماعيل، حفيد محمد علي باشا. وللخديو حكايات كثيرة. فقد كان واسع الثقافة، يجيد لغات كثيرة، وله حضور مهيب بين زعماء العالم. لكن إسماعيل باشا كانت له علة لا شفاء منها: لم تكن لأحلامه ببلده حدود. وهذه الأحلام كانت تحمله إلى تجاوز محدوديات العناصر الراهنة. فقد رأى القاهرة باريس أخرى، واقترض وصرف لإنشاء الجادات والشوارع، وفي النهاية أمضى سنواته الأخيرة منفياً، مع سمعة الرجل غير الإداري؟
اقترض الرجل المبذر من أجل أن يبني. الرجل الذي اخترع فكرة الاقتراض، سهل عملية التطور. تحولت قروض إسماعيل باشا فيما بعد إلى سياسة عامة بين الدول، صغيرة وكبيرة. وعندما ظهرت في أميركا مسألة «التقسيط»، حاربها البعض في البداية، ثم تبين أنها تقدم لذوي الدخل المحدود ظروف التمتع بالراحة النفسية والحسية مبكراً برغم ما يعتريها من شوائب وما يلحق بها من مشاكل عائلية.
لا هم أصعب من هم الديْن. لكنه في مراحل كثيرة يُسهل الصعوبات. وقد ضاق المصريون بقروض القناة، ثم اكتشفوا أنه لديهم مصدر دخل دائم. واعترض البعض على قروض السد العالي، لكنه أصبح فيما بعد ثروة قائمة. بعض الديون بنى بعض الدول، وبعض الديون هدمها.
شيئان سهّلا الحياة على بسطاء الأرض: التقسيط والصناعة الصينية. يشتري الأميركي سيارة في نصف ساعة، ويسدد أقساطها على 6 سنوات، وينتظر السوفياتي 6 سنوات لكي يجمع ثمن سيارة. ولكن أليس الديْن قهراً ونيراً وقلقاً دائماً. بعض أهم الأشياء في العالم، بناها الظلم أو الديْن أو الجنون. هل تتخيل مصر من دون الأهرام التي استعبد الألوف لبنائها؟ والقناة، كم ألفاً قضوا وهم يشقون ذلك الحلم المجنون: بحر ورمل وتغيير خريطة الكرة؟ فإذا القرض ثروة بلا نهاية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخديو المبذر الخديو المبذر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon