بقلم: سمير عطا الله
لا هو جمال عبد الناصر، ولا هو أنور السادات، ولا حسني مبارك. ولا الأيام أيام أحد منهم. كل واحد كانت له مرحلته. وكان يشبه نفسه، وجميعهم كانوا «ابن بلد»، يحب شعبه ومتعلق ببلده ولن يتنازل لحظة عن أن «مصر أم الدنيا».
لكن الثلاثة اختلفوا في كيف تبقى كذلك. الأول الصعيدي قرر أن يرمي الباشوات في الترع ويحقق حكم الفلاحين، ويحرر فلسطين. والثاني الفلاح قرر أن يحرر سيناء بالذهاب إلى القدس، وأن يستعيد الباشوات لإحياء الصناعة والسياحة وكل ما نبذه النظام الاشتراكي، والثالث ألغى آخر آثار التأميم والحراسة وأبقى سلام السادات من دون أن يخطو خطوة واحدة في اتجاه إسرائيل.
مصر التي تتعمر اليوم، بلد بدأ المصريون يدركون الآن أنه يشبه المستقبل وبدأت الحياة فيه. لن تقبل على نفسها أنها بلد عشوائيات. والمدن الجديدة التي تنمو حول القاهرة القديمة مثلها مثل أحدث مدن في العالم. والاقتصاد في أعلى نسبة ازدهار منذ 23 يوليو. والقناة في أعلى دخل في تاريخها، والعاصمة الإدارية الجديدة، أحدث عواصم العالم. شيء مثل كاليفورنيا أو كوريا الجنوبية.
نحن من جيل بكى يوم استقال عبد الناصر، وذُهل يوم رأى السادات يمسح وجهه المتعرق في القدس. كل حدث في مصر كان حدثاً في العالم العربي. كل ضعف في مصر كان وهناً في بلاد العرب. مصر الحالية المتعافية والمتنامية يعود إليها العرب بمئات الآلاف من أجل العمل والإقامة والاستثمار والدراسة. وعاد حضورها الجميل في كل مكان. تعود بثقة إلى مكانتها العالمية. وتبث مهرجاناتُها وفنونها الجمال والفرح. وفيما تبحث الدول الأخرى في تعزيز دور المرأة، يعين الرئيس عبد الفتاح السيسي الدكتورة فايزة أبو النجا مستشارته للأمن القومي، متجاوزاً كل ما أعطيت المرأة من مهام في دول العالم.
مصر السيسي لا تشبه ما سبقها. عقد اجتماعي جديد بين الدولة وشعبها. طريق سريع لا توقّف على جانبيه، ولا جدل ولا ثرثرة فوق النيل، أو على جوانبه.
تجربة السيسي مشروع انتقالي تغييري في بداياته. كلما تم اكتشاف كنز أثري قديم أعلنت الدولة عن خطوة جديدة في المستقبل. لا حياة في الماضي. إنه مربع خاص بالعقول المخللة وعلامات التخلف. والعقل الذي يرفض الخروج من الثلاجة لا يمكن له أن يعرف أن الحياة في خارجها.