توقيت القاهرة المحلي 09:07:13 آخر تحديث
الاثنين 28 نيسان / أبريل 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

الدرس الأول محاماة: شرشف أبيض

  مصر اليوم -

الدرس الأول محاماة شرشف أبيض

بقلم:سمير عطا الله

يتابع المحامي الذي أصبح كهلاً الآن: كان الشاعر يحكي وأنا أفكر في طريقة للهرب. فجأة سمعت صوت الباب يفتح. ودخلت سيدة أنيقة في منتصف العمر. ألقت التحية وقبلته في جبينه. وعرّفني إليها. إنها مديرة المنزل. اعتذرت السيدة من فوضى الكتب، وقالت إنه يعدها كل يوم بأنه سوف يسمح لها بتنظيم المكتبة. لكن كل يوم تزداد الرفوف أحمالاً. تطلع إليها وقال ضاحكاً: لقد اتفقت مع هذا المحامي أن يتولى المسألة. وشعرت السيدة المسكينة بالشفقة عليّ، وقالت معترضة: سعيد، اترك هذا الشاب لمستقبله. هذه ورشة تحتاج إلى سنين. وقام الشاعر العملاق يتمشى في الدار، ثم ضحك وقال لها: إنني أحاول أن أعطي هذا الفتى درساً في الحياة. جاءنا يقرع الباب وكأنه بائع متجول، وكأنني لا عمل لدي سوى انتظار الغرباء الذين يريدون إضاعة أوقاتهم. لذلك، قررت أن أُنزل به عقاباً خفيفاً. طلبت منه أن يحلق ذقني، وأن يرتب المكتبة، ولولا وصولك كنت سأعرض عليه أن يغسل «شرشف الأفكار» (غطاء). وانفجر كلاهما في الضحك. ثم دخلنا ثلاثتنا في نوبة من الضحك العالي، بينما أنا أتساءل عن شيء أسمع به لأول مرة في عمري هو «شرشف الأفكار».

جلس الشاعر الكبير يروي على طريقته وبكل الحركات التمثيلية أنه عندما كان نائماً ذات ليلة أيام شبابه، خطرت له قصيدة، فأخذ يبحث عن ورقة وقلم قربه، فوجد القلم ولم يجد الورقة، فماذا يفعل لكي لا تضيع القصيدة؟ راح يكتبها على الشرشف. وصار بعدها كلما خطرت له خاطرة، لجأ إلى الشرشف الذي تحوّل إلى ديوان لكثرة ما كُتب عليه من أبيات شعرية وأفكار.

كانت تلك إحدى «ألعاب» سعيد عقل. وكان يعرف أن الناس سوف تتداولها، مثل غرائبه الأخرى، وأكثرها يدور حول إعجابه بنفسه. يجب أن يكون مختلفاً في كل شيء. وفي الحقيقة أنه كان يبدو في قامته الممشوقة مثل تمثال متحرك. وظل محافظاً على تلك الصورة إلى أن تجاوز المائة عام.

لم يغير لحظة المنزل الذي عاش فيه. وقد سألت المحامي صاحب الرواية إذا كان المنزل قد تغير، وماذا حدث للشرشف الشعري، فقال إنه ظل يداوم على زيارته حتى وفاته. وكان يرى أن مدبرة المنزل كانت ترتب الأشياء كأنها متحف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرس الأول محاماة شرشف أبيض الدرس الأول محاماة شرشف أبيض



GMT 04:52 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

عودة إلى الفردوس المفقود: سوق العبودية

GMT 04:51 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

إيران... واقعية ما بعد «الطوفان»

GMT 04:49 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

«تجليّات» رامي مخلوف

GMT 04:48 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

ثقافة ما تحت الدولة

GMT 04:47 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

المشرق... السيادة والرهانات على الدولة الوطنية

GMT 04:46 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

عباس بين معضلة الانقسام وتعقيدات التسوية

GMT 04:44 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

سناء جميل خارج الخريطة!!

GMT 04:42 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الأوقافُ والأزهرُ فى وداع البابا «فرنسيس»

ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
  مصر اليوم - مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
  مصر اليوم - مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة يكرم هند صبري

GMT 11:51 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيهما الأهم القيادة أم القائد ؟

GMT 13:24 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

ديكورات أميركية يمكنك تطبيقها بمكتب العمل في المنزل 

GMT 03:42 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نادية الجندي تكشف عن حزنها لرحيل الإعلامي حمدي قنديل

GMT 13:19 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

زكريا الشناوي يوضح أسباب منع تداول الدواجن الحية

GMT 03:23 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عزة محمود تكشَّفَ عن مشوارها مع تصميمات الغرافيك

GMT 20:47 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

"زيت الأرجان المغربي" لتعزيز صحة الشعر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon