بقلم: سمير عطا الله
يذكر التقرير اليومي الذي تنشره «موسكو تايمز» عن «المواجهة في أوكرانيا» بالمواجهات التي وقعت بين السوفيات والأميركيين في برلين وكوبا وتركيا، وكلها وضعت الفريقين على حافة الحرب. وإذا ما كان المشهد يحتاج إلى الاكتمال، فقد ظهرت تركيا في الصورة، وحذر الرئيس رجب طيب إردوغان، الروس، من احتلال أوكرانيا، كما عرض الوساطة، وأعلن أنه سوف يزور العاصمة الأوكرانية الشهر المقبل.
وزير خارجية أميركا في أوكرانيا، ووزير خارجية روسيا خرج من الظل بتقاسيم الوجوم الشهيرة، ليعلن أن بلاده تنتظر من واشنطن «رداً خطياً» على أسئلة وجهت إليها. وهذا يعني، في اللغة الدبلوماسية، أو اللادبلوماسية إطلاقاً، أن روسيا لا تثق بأي وعد شفهي من الأميركيين، أو بالأحرى لا تثق بهم كلياً.
بالإضافة إلى وجوم سيرغي لافروف، الذي يستخدم عادة، كجزء أساسي من التعبير عن مواقف موسكو، هناك اللغة العامة بين الفريقين. وهناك التحذيرات المصوغة بلغة مهنية لكل منهما. وهناك هذا الظهور التركي المفاجئ، الذي يذكر بوضع تركيا خلال مواجهة الصواريخ في كوبا. إذ أصرت روسيا يومها على تفكيك القواعد الأميركية في تركيا القريبة.
احتمال الانفجار شديد لكن التسوية أكثر ترجيحاً. أوكرانيا ليست كازاخستان، ولا جورجيا، ولا القرم. ليست «حديقة خلفية» أخرى للروس، وإن كان بوتين يحب اعتبارها كذلك، ويبدو أنه تجاوز في أوكرانيا حدود الدائرة التي يحاول أن يرسمها حول أسوار موسكو. إذ بعد الانتصارات التي حققها في آسيا الوسطى، يحاول العودة إلى أوروبا الشرقية، وتوسيع دائرة النفوذ، أو على الأقل ردع الغرب عن التغلغل.
الحقيقة أن بوتين لم يقم بأي عمل سلمي حتى الآن، منذ أن بدأ ولايته الأولى بإحراق غروزني، عاصمة الشيشان. ومن ثم ضم القرم. بعدها حرب جورجيا، والأكثر أهمية كان التدخل العسكري في سوريا، واستخدام الفيتو في مجلس الأمن (مع الصين) من أجل الحؤول دون أي قرار سياسي في شأنها.
لذلك يأخذ الجميع سياسات بوتين ووجوم لافروف على محمل الجد. وما من أحد من دول الجوار يعتقد أن موسكو سوف تقوم بغزو أوكرانيا، لكن الجميع، بمن فيهم ألمانيا، يتصرفون على أساس أن لا شيء مستحيلاً مع القيصر.