بقلم: سمير عطا الله
تتصرف الدول الكبرى في صراعاتها مثل أطفال الروضة. أو أكثر طفولية. لائحة عقوبات بلائحة. طرد دبلوماسيين بطرد دبلوماسيين. منع بوتين 960 أميركياً من دخول روسيا، بينهم جو بايدن ونائبه وابنه. ومن أيضاً؟ أيضاً الممثل مورغان فريمان، ناطور البناية الذي أصبح من أشهر وجوه هوليوود.
رد بايدن بمنع بوتين وزوجته ورئيس أركانه وابن خالته. وتبادل الروس والأوروبيون طرد 400 دبلوماسي، حتى اللحظة، بتهمة واحدة، هي التجسس. وفيما ضمنت اللائحة الروسية وزيرة خارجية أميركا السابقة هيلاري كلنتون، فإنها لم تشمل الرئيس السابق دونالد ترمب. وهذا أمر يسيء إليه سياسياً في أميركا بسبب علاقاته الحسنة مع بوتين.
بلغت عملية الطرد المتبادل بين الفريقين مستويات لم تعرف من قبل حتى في ذروة الحرب الباردة. وشاركت كندا «المعتدلة» بمنع ألف روسي، فيما رد الروس بوضع رئيس الوزراء جاستن ترودو وزوجته على لائحتهم. كما ساهمت أوروبا كلها في الحملة، ما عدا هنغاريا ومالطا وقبرص. ويرجح أن سبب امتناع الأخيرة، أنها تحولت منذ انهيار الاتحاد السوفياتي إلى مركز مالي للأثرياء الروس، وما يظهرون وما يخفون.
قلما تقلد الدول بعضها البعض في الإيجابيات، لكنها تنسخ المساوئ نسخاً. وأتابع الإعلام الروسي الرسمي فيذكرني حرفياً بأسلوب وقاموس ولهجة ورتابة أحمد سعيد ومحمد سعيد الصحاف، اللذين تتلمذا على الإعلام السوفياتي. أما الإعلام الغربي فيبدو أكثر فكراً وتأثيراً بكثير. ويكتب بعض الروس مثل بعض العرب الذين يعتقدون أن دوائر العالم تنتظر الفجر لكي تقرأ ماذا يكتبون. لكن كل ما يفعله هؤلاء النساخ عبر العصور أنهم يسدون الطرق في وجه فرص الانفراج وخفض التوتر. المعارك الإعلامية فن من فنون السياسة، وقد خرجت في كل مكان من زمن جرير والأخطل والفرزدق.
مخيب أن تقرأ «البرافدا» اليوم وترى أن لغتها لم تتغير منذ ستالين. لا جهد، لا تطور، لا إبداع، لا جديد. عودة بائسة إلى الزمن السوفياتي، حيثما كان المرء لا يلقى في موسكو «خيارية أو كوسايا دبلانة، أو حتى طماطماية ممهمطة». طبعاً عرفتَ صاحبة الأسلوب، من غيرها، مولاتي سناء البيسي.