توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفكرة القرية: عتبة الليل

  مصر اليوم -

مفكرة القرية عتبة الليل

بقلم: سمير عطا الله

مشكلة شخصية جداً، لكن مثل جميع المشاكل العامة، لا حل لها إلا من السماء. منذ أسابيع وأنا أترقّب نجمة الصبح. عبثاً. لا تسمح لها السُحُب حتى بفتحة خجولة. ونجمة الصبح رفيقة أمسياتي منذ أن بدأت أحصي عدد النجوم في السماء. فجأة لمحتها أكبر من سواها، محلِّقة جانب القمر كأنه قمرها، هو ينزلق بطيئاً إلى غفوته، وهي تبقى حتى يرهقها النعاس. تدخل مخدعها في الأعالي وتترك الساهرين يتأرقون مثل طفل ينتظر الصبح من أجل هدية العيد. يكبر الطفل ويكف عن الاعتراف بأسراره الصغيرة لنجمة السهر. ثم يكبر ولا يعود لديه ما يبوح به. ثم يكبر ولا تعود الأسرار تليق به. ولا حتى الأحلام. ولا رفقة نجمة الصبح. مضى الزمن الذي كانت فيه كاتمة الأسرار.
استحِ يا رضا.
أنتَ تكذب يا رضا. تكذب في عمرك. وتكذب في ذرائعك. وتكذب في مكابرتك. وأنتَ صعلوك وحيد ومسكين يا رضا، و«عايشة وحدا بلاك، وبلا حبك يا ولد - حاجي تحكي عن هواك - ضحَّكت عليك البلد». والبلدان المجاورة. وما يليها. ويا رضا استحِ على كبرتك ولا تطلب تعزية ولا حناناً. وعلى من يشكو في مثل سنّك أن يترك الربيع للربيع، والغناء للذكريات. أنت، يا عم، انسَ «صوت الموسيقى». و«هات عينيك ترتاح بدنيتهم عينيا». حضرتك يا أخ، يليق بك، شيء مثل كيف الضغط هالأيام؟ عم تنتبه ع السكري؟ بفايزر أو سبوتنك؟
يا رضا، يلزم، في حالتك كل لقاحات الأرض، وفوقها بوستر. لاحظ مهارتي في التقنيات. صيدلية متنقلة وعسل يمني أسود من جبال تعزّ. مغشوش. أو في حاجة إلى بوستر كوري. الحظ أضمن المنتجات. إلا إذا كان سيئاً. وهو، كما تعرف، لا يغير عاداته.
وأنت يا رضا، لا تصغي ولا تسمع. مثلك مثل قطيع الوعول، مثل السيل من علٍ. مثل بكائيات امرئ القيس. وعل يموت حباً بفراشة، والفراشة مواعيدها الرحيق. وأنت يا رضا حصان هرم في حقول الذبول، على أطراف السياجات، يضحكون منك في الرسوم المفْرغة ومواقع اليبوس. لا تشرح لي يا رضا. هذه حالة تأتي مرة واحدة في العمر، لأنه يهيئ لها بطوفان هذا المزيج من الشعور. من الفرح والأسى والحياء والسيمفونية التاسعة. وفي ذروة هذا الخدر والحلم، تتراكض الغيوم كالحة حول نجمة الصبح، ويغلق أهل القرى النوافذ، ولا يبقى لك سوى عينيها. لا، لا أذكر ما هو لونهما، وإلا لكنت أخبرتك. لا شيء مثلهما يا رضا. لا شيء. لا أحد.
ما الذي يحدث يا رضا؟ ماذا تسمّي هذا التضاد المحرج؟ «الإعصار الجميل»؟ لا تحاول. ففي هذه الدنيا تمر بنا أشياء كثيرة أكبر من أسمائها. لذلك تترك إلى الموسيقى وحزن الأمطار والتيه تحت نجمة الصبح. لا ملجأ آخر ولا مفر ولا شيء. كل ما بقي لك، هو هذا: لحظة في «مفكرة» في قرية، في شتاء، رجل يبحث عن نجمة الصبح عند عتبة الليل. ونجمة الصبح خلف قمرها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية عتبة الليل مفكرة القرية عتبة الليل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon