توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دروس الليل

  مصر اليوم -

دروس الليل

بقلم: سمير عطا الله

عندما نقلت فرنسا جثمان أندريه مالرو، قال الرئيس جاك شيراك، في خطاب الاحتفال، إن فرنسا تفتخر دوماً بتراثها الأدبي والفكري والفني، ولم يقل السياسي أو العسكري. يختار كل فرنسي، خصوصاً السياسيين، أن يكون كاتباً أولاً. وربما أخيراً، أي بعد الخروج من الإليزيه، من أجل أن يروي تجربته للفرنسيين، وهي تجربة لا تليق إلا بالعظماء مثل ديغول، أو بالأقل تاريخية مثل فرنسوا ميتران، أو الجيدة مثل جاك شيراك، أو «المعدل» مثل جيسكار ديستان، أو دونه مثل فرنسوا هولاند.
لا يلام الأخير على عادية ولايته (5 سنوات) ولا يمجد. إنه بيروقراطي عادي صاحب شخصية باهتة، لكن الفرنسيين اختاروه وقرروا انتخابه، وانتهى الأمر. أو بالأحرى لم ينتهِ الأمر، فقد قرر المسيو هولاند أن يدون تجربته. وهذا أمر يدعو إلى العطف مرتين: المرة الأولى، الرئاسة نفسها، والثانية تدوينها. والحقيقة أنني لم أكن لآتي على ذكر كتاب المسيو هولاند «دروس السلطة» إلا لسبب لا علاقة مباشرة له به.
ففي المذكرات يخصص الرئيس السابق صفحة، أو أكثر، للحديث عن خليلته السابقة وأم أولادهما الأربعة، والمرشحة أيضاً للرئاسة. كما يخصص بضعة أسطر للحديث عن خليلته عندما أصبح في الإليزيه ثم تركها لسيدة أخرى. وواضح أن طرزان الرئاسة الفرنسية ليس دون جوان، ولا فالنتينو، ولا صاحبنا وصاحب قالت الكبرى، والوسطى، والصغرى التي تيمها عمر.
صحيح أن فرنسا بلد حريات اجتماعية كثيرة. وأن كل إنسان حر بعلاقاته العاطفية. ولم يعد الفرنسي يقتل بالسيف في مبارزة من أجل شرف امرأته. لكن قبل السماح بنشر «مدام بوفاري»، أشهر روايات الأدب الفرنسي، لغوستاف فلوبير، قامت فرنسا كلها ضد الكاتب والكتاب، خصوصاً الحاكم نابليون الثالث. فإذا كان المجتمع الأدبي حراً في الخروج على التقاليد المألوفة، فرئيس الدولة لا حق له بإعطاء المثل السيئ، أو الذي يعترض عليه جزء كبير من أركان المجتمع.
طبعاً «دروس السلطة» ليس «مدام بوفاري» ولا المسيو هولاند غوستاف فلوبير. إنه بالكاد، من الناحية الفكرية، يقارب خلفه نيكولا ساركوزي، الذي أصر على لعب دور «الدون جوان» في الإليزيه بالزواج من المغنية كارلا بروني. لكن الرئاسة تتطلب، خصوصاً في فرنسا، أكثر من جعل الفرنسية الأولى خليلة. وقد اخترنا هذه العبارة عملاً بنصيحة ابن الرومي، الذي أراد أن يشعر العالم كله بما يعذبه فقال: يا خليليَّ تيمتني وحيد. أما من حيث المبدأ فكان في إمكان فخامته أن يعقد زواجاً مدنياً رسمياً عند رئيس بلدية باريس، في 5 دقائق وفقاً للقانون الذي تعتمده جمهوريته منذ أكثر من قرنين. والإيجابي في المسألة، أن هولاند لم يتوقف طويلاً عند ذكر زياراته الليلية إلى منطقة الريفولي على دراجة نارية وخوذتها القانونية. فمهما تخفى لا يمكن أن يخدع الحرس الجمهوري. إلا إذا كان هذا ما يقصد، مثل الزير ميتران، الذي كان يقول للسيدة الخارجة من الإليزيه بعد منتصف الليل: كوني لطيفة مع الحرس، لئلا يسيئوا الفهم. وهي الجملة التي قالها (بالعربي) الراحل سعيد صالح لزوجته عندما ضبطت غريبة في فراشهما: ما تفهمنيش غلط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس الليل دروس الليل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon