توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراءة فادحة للإنسان والتاريخ

  مصر اليوم -

قراءة فادحة للإنسان والتاريخ

بقلم: سمير عطا الله

كان الحدث مذهلاً لدرجة أن عالماً جدياً مثل فرنسيس فوكوياما راح يهتف «لقد انتهى التاريخ. التاريخ انتهى». كل علامات النهاية كانت هناك: جدار برلين تفتت، حدود أوروبا الشرقية سقطت، الستار الحديدي سُمع أزيزه وهو يهوي. إنه العام 1990 والقرن المتوحش لن يُختم قبل أن يأخذ معه أسوأ حربين عرفتهما البشرية. لن يشوه أحد الحضارة الأوروبية بعد الآن. حتى الحرب الباردة انتهت. وعندما يبدأ القرن التالي سوف يكون قرن الرقي الأوروبي والسلام العالمي. الصين الفقيرة تزدهر. الهند الجائعة لم تعد تنام على المسامير. وأوروبا واحدة موحدة في ظل العلم والرقي والازدهار.

بالغ الأستاذ فوكوياما في التفاؤل وتسرّع. ليس في مثل هذا السحر ينتهي التاريخ. تاريخ قرون من الحروب والضغائن ومقابر الجنود فوق مساحات هائلة. برغم كل الدلائل! فرحت فرنسا بالمشهد إلى درجة أنها جعلت نجل الجنرال غورينغ، مساعد هتلر، ضيف الشرف في احتفالات 14 يوليو (تموز).
عندما اختلت صورة العالم فجأة حين اقتحم صدام حسين الكويت سارعت كتلة كبيرة من الدول إلى مداواة الجرح. لا. لم يعد ممكناً في هذا العالم أي سلوك همجي. قال ذلك من لا يعرف البشر ولا التاريخ. فقد استمرت مظاهر الغزو والاحتلال. ضربت «القاعدة» برجي نيويورك، واحتلت أميركا العراق، وعادت إلى أفغانستان، ومحا فلاديمير بوتين غروزني عاصمة الشيشان، ثم ضم القرم و«طوع» خمس جمهوريات سوفياتية سابقة. وفجأة عادت أوروبا إلى وحشيات الحروب الكبرى: مدن بأكملها أصبحت رماداً، والأوروبي المتحضر يرتكب القتل الجماعي، والاغتصاب الجماعي، والمقابر الجماعية.
قبل أن يبدأ بوتين في دك أوكرانيا أعلن ما أعلنه صدام حسين قبل احتلال الكويت: «هذه دولة لا وجود لها». وكما كان صدام يلعب لعبة النفط في حربه، حاول بوتين أن يلعب لعبة الغاز. والمفاجأة الكبرى كانت أن العالم اكتشف أن الشراكة الاقتصادية الكبرى هي بين الأعداء الثلاثة الكبار: أميركا، روسيا، الصين.
كان موقف ميخائيل غورباتشوف والخوف من توسع الناتو شرقاً هو نفس موقف بوتين، كما أبلغه وزير خارجية أميركا آنذاك، جيمس بيكر. إنه في الحقيقة موقف الروس جميعاً. منذ القياصرة. فالإمبراطوريات لا تفكر مثل الدول العادية. ولا مخاوفها عادية. وكان أول ما فعله السوفيات تماماً مثلما فعله القياصرة والإمبراطورة كاترين العظمى ورجالها السبعة: «زرع» الجاليات الروسية في كل الاتحاد، هكذا فعل الفرنسيون أيضاً. والهولنديون والبلجيك، على قلتهم. وهكذا كانت النتائج في «الجزائر الفرنسية». والآن في أوكرانيا وفي القرم وفي دول البلطيق. إنها إلى جانب كونها حرباً عالمية بين روسيا والغرب، حرب أهلية بين أهل العرق السلافي وثقافته وحتى كنائسه. وبوتين ينتقم للذل السوفياتي وفذلكات فوكوياما والقراءة المتفائلة للإنسان وتاريخه. خصوصاً في أوروبا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة فادحة للإنسان والتاريخ قراءة فادحة للإنسان والتاريخ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon