توقيت القاهرة المحلي 08:26:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة بلا حجْر

  مصر اليوم -

عودة بلا حجْر

بقلم: سمير عطا الله

يعلن الصيف في باريس ولندن عادة عن الطبقات الغنية حديثاً في البلدان الأخرى. عندما جئنا للعاصمة البريطانية أواخر السبعينات، كان عرب الخليج، بثيابهم التقليدية، يملأون الهايد بارك وساحة البيكاديللي وفنادق سلون ستريت. وبعد سنوات طافت لندن بالروس، قامات ضخمة للرجال، وقامات ساحرة للنساء. ثم أطلت قوافل آسيا: الصينيون الجدد، واليابانيون الضاحكون أبداً مثل إعلانات معجون الأسنان، ثم وصل آخر المزدهرين الكوريون الجنوبيون، فيما جيرانهم في الشمال منهمكون في إطلاق الصواريخ.
كنت تعرف العرب من لباسهم، أو من سيارات أبنائهم، والروس تعرفهم من وريثات كاترين العظمى التي جاء بها القيصر من ألمانيا لتطوير الجنس الإمبراطوري. لكن كيف لك أن تميز الإخوة القادمين من الصين واليابان وسنغافورة وتايوان وسائر سكان القارة؟ وليس هنا من سيارات عربية تطلق صوت محركاتها عند منتصف الليل عند تقاطع نايتسبريدج ولا من قامات روسية من سلالة كاترين، عظيمة الروس؟ وجوه متشابهة، لها عيون موحدة القياس، وأجسام ناحلة موحدة القوام، وانحناءة واحدة كأن الإمبراطور آتٍ ليلقي على الجميع السلام. لا ضرورة لأن تعرف شيئاً ولا أحداً. هؤلاء الآسيويون لا يتعرفون على أحد ولا يخالطون أحداً. ومثل اللبنانيين يكونون في لندن ويبحثون عن صحن حمص. أو مثل المصريين يسكنون في الدورشستر ويطلبون للفطور صحن فول. وعاش الراحل الشقي محمود السعدني في لندن فترة طويلة من دون أن يغير شيئاً في طقوس الصبحية: «أمال إن ما كانشي فيه فول، بيطلع النهار ليه يا جدع؟».
تحولت لندن (أو باريس) إلى مدينة إضافية من مدن العرب. ولم تعد رحلة الصيف فقط. وحلّت محل بيروت في أمور كثيرة. وصدرت فيها الصحف اليومية الكبرى، كما وجد فيها علق الصحافة هامشاً يصدرون منه مطبوعات الابتزاز. وظلت الصحافة المهنية في الصدور بينما لاقت الطفيليات مصيرها.
ظل الصيف أمير الفصول وبقيت لندن في أحلام العرب بقية السنة. لكن طارئاً رهيباً تولى حجب زوار الصيف عن المدينة: الكورونا. أبعد الوباء جميع أنواع السياح: أثواباً عربية، وقامات روسية، وعيوناً مميزة من الصين وكوريا. وهذا الصيف بدأوا يعودون، في حذر وفي تردد، ولكن أيضاً في انفراج. فالعالم سجن كبير من دون لندن. إنها من القربى الوحيدة تقريباً خارج دياره. مدينة في وسط العالم، أينما كان مكانك منه. ومدينة يتحدث لغتها الجميع، مهما كانت أجناسهم وألوانهم أو قاراتهم.
لم تعد مضطراً للحجر أسبوعين إذا كنت قادماً إلى المدينة من أي جهة. فما نفع لندن إذا كنت في أربعة جدران، وهي مقر ولادة الحريات. علم «كورونا» العالم أجمع أهمية ما كانوا يعتبرونه أمراً مفروغاً منه. ما من شيء في الحياة أمر مفروغ منه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة بلا حجْر عودة بلا حجْر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon