توقيت القاهرة المحلي 20:57:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة بلا حجْر

  مصر اليوم -

عودة بلا حجْر

بقلم: سمير عطا الله

يعلن الصيف في باريس ولندن عادة عن الطبقات الغنية حديثاً في البلدان الأخرى. عندما جئنا للعاصمة البريطانية أواخر السبعينات، كان عرب الخليج، بثيابهم التقليدية، يملأون الهايد بارك وساحة البيكاديللي وفنادق سلون ستريت. وبعد سنوات طافت لندن بالروس، قامات ضخمة للرجال، وقامات ساحرة للنساء. ثم أطلت قوافل آسيا: الصينيون الجدد، واليابانيون الضاحكون أبداً مثل إعلانات معجون الأسنان، ثم وصل آخر المزدهرين الكوريون الجنوبيون، فيما جيرانهم في الشمال منهمكون في إطلاق الصواريخ.
كنت تعرف العرب من لباسهم، أو من سيارات أبنائهم، والروس تعرفهم من وريثات كاترين العظمى التي جاء بها القيصر من ألمانيا لتطوير الجنس الإمبراطوري. لكن كيف لك أن تميز الإخوة القادمين من الصين واليابان وسنغافورة وتايوان وسائر سكان القارة؟ وليس هنا من سيارات عربية تطلق صوت محركاتها عند منتصف الليل عند تقاطع نايتسبريدج ولا من قامات روسية من سلالة كاترين، عظيمة الروس؟ وجوه متشابهة، لها عيون موحدة القياس، وأجسام ناحلة موحدة القوام، وانحناءة واحدة كأن الإمبراطور آتٍ ليلقي على الجميع السلام. لا ضرورة لأن تعرف شيئاً ولا أحداً. هؤلاء الآسيويون لا يتعرفون على أحد ولا يخالطون أحداً. ومثل اللبنانيين يكونون في لندن ويبحثون عن صحن حمص. أو مثل المصريين يسكنون في الدورشستر ويطلبون للفطور صحن فول. وعاش الراحل الشقي محمود السعدني في لندن فترة طويلة من دون أن يغير شيئاً في طقوس الصبحية: «أمال إن ما كانشي فيه فول، بيطلع النهار ليه يا جدع؟».
تحولت لندن (أو باريس) إلى مدينة إضافية من مدن العرب. ولم تعد رحلة الصيف فقط. وحلّت محل بيروت في أمور كثيرة. وصدرت فيها الصحف اليومية الكبرى، كما وجد فيها علق الصحافة هامشاً يصدرون منه مطبوعات الابتزاز. وظلت الصحافة المهنية في الصدور بينما لاقت الطفيليات مصيرها.
ظل الصيف أمير الفصول وبقيت لندن في أحلام العرب بقية السنة. لكن طارئاً رهيباً تولى حجب زوار الصيف عن المدينة: الكورونا. أبعد الوباء جميع أنواع السياح: أثواباً عربية، وقامات روسية، وعيوناً مميزة من الصين وكوريا. وهذا الصيف بدأوا يعودون، في حذر وفي تردد، ولكن أيضاً في انفراج. فالعالم سجن كبير من دون لندن. إنها من القربى الوحيدة تقريباً خارج دياره. مدينة في وسط العالم، أينما كان مكانك منه. ومدينة يتحدث لغتها الجميع، مهما كانت أجناسهم وألوانهم أو قاراتهم.
لم تعد مضطراً للحجر أسبوعين إذا كنت قادماً إلى المدينة من أي جهة. فما نفع لندن إذا كنت في أربعة جدران، وهي مقر ولادة الحريات. علم «كورونا» العالم أجمع أهمية ما كانوا يعتبرونه أمراً مفروغاً منه. ما من شيء في الحياة أمر مفروغ منه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة بلا حجْر عودة بلا حجْر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان
  مصر اليوم - مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 17:46 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 22:59 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

نانسي عجرم تهنئ شعب البحرين بالعيد الوطني الـ53

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 21:50 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيديو كليب صورة افتراضية

GMT 18:31 2017 الإثنين ,13 شباط / فبراير

ردّ الجميل للنادي المصري

GMT 09:51 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

أفكار إطلالات المحجبات من وحي مدونات الموضة

GMT 07:56 2021 الأربعاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رقي الإمارات سرها وسحرها

GMT 08:28 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

روتين العناية بالبشرة خلال فترة تغيير الطقس

GMT 09:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طريقة عمل تورتة بالشوكولاتة والمكسرات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon