توقيت القاهرة المحلي 11:49:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث عن سارتر في الحديقة

  مصر اليوم -

البحث عن سارتر في الحديقة

بقلم:سمير عطا الله

منذ أن انضم البيروني ماريو بارغاس يوسا، حامل نوبل إلى كتّاب «الشرق الأوسط»، وأنا طبعاً من قرائه. وفي الوقت نفسه أحرص دائماً على معرفة نسبة متابعيه. ليس امتحاناً له؛ لأنه فوق التسميات، ولكن بكل صدق لكي أعرف مدى اهتمام القارئ العربي بالقضايا والمواضيع التي يطرحها الكاتب المتعدد الثقافات.

مقالة «سارتر وبائع الكتب» كان عرضاً ممتعاً لمخزونه الثقافي: مشاهد من حديقة اللوكسمبورغ التي يتمشى بين ممراتها المزهرة، مجلة «الأزمنة الحديثة» التي كان يصدرها جان بول سارتر ومقالاتها الرائعة، ثم تلك القضية الشائكة: لماذا لم يعد أحد يقرأ سارتر في باريس، ولماذا ذهب أشهر فلاسفة وكتّاب فرنسا القرن الماضي إلى النسيان بمثل هذه السهولة؟. لا يقدم يوسا الكثير من الأجوبة، ولا حتى القليل. ولا ينحي باللوم، مثل سواه، على المزاج الفرنسي المتبرم والمتضجّر والسريع الملل. ويفوته، في صورة خاصة، أن في كل حقبة أديباً تسير فرنسا خلفه، ثم ترميه إلى النسيان في عقوق مهين.

في ذاكرتي، أناتول فرانس، الذي كان من علامات الجهل ألا تشير إليه في كل مقال أو كتاب أو خطاب. ثم ضاع فرانس بين التقليديين. وراح الفرنسيون يتذمرون من «رجعيته». وملأ عالم الأدب الفرنسي الفيلسوف هنري برغسون صاحب «الضحك» وصار اسماً يومياً في حياة الفرنسيين الذين كل شيء في حياتهم «موضة» مثل الأزياء، والسينما، وخصوصاً السياسة، وتحطيم الواجهات. ثم انتهى.

ولعب سارتر دوراً جوهرياً في فلسفة الفوضى والخراب والحقد. وجعل العقل الوسطي تهمة وتخلفاً. وذهب باليسار إلى تطرف العداء والعدمية.

يشعر يوسا بالحنين إلى سارتر ومجلته «الأزمنة الحديثة». وأتذكر الآن أنها كانت من أرقى ما صدر من مجلات فكرية. لكن صعب «عليَّ أن أفهم لماذا يفتقد رجل إنساني النزعة رجلاً مثل سارتر، خصوصاً وأن الحركة الأدبية العالمية، وطبعاً في فرنسا، أعادت تقييم نتاجه ودوره معاً. ولا ينسى كثيرون، أنه تصرف خلال سنوات طويلة مثل المشاغبين الصغار. وكأن هو من لحق بالموجات العنفية الخاوية مثل الماوية، وليس من حاول إعادتها إلى الوعي. كان سارتر مخلوقاً ضعيفاً لا يستطيع العيش لحظة واحدة خارج دوامة الشهرة، بصرف النظر عن الزُمر التي تأتي عن طريقها. وكانت تلك حقبة جنونية، لا عجب أن تمناها الناس وينكرها كثيرون. رفض سارتر مرة قبول جائزة نوبل لأن شهرة الرفض أوسع من شهرة الفوز. وعندما شعر بالندم، وطلب الحصول على القيمة المالية للجائزة، قيل له «آسفون». هذه جائزة مثل «باب» ألفرد دوفيني، «والباب إما أن يفتح أو أن يغلق».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن سارتر في الحديقة البحث عن سارتر في الحديقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon