توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهررة الآمنة

  مصر اليوم -

الهررة الآمنة

بقلم: سمير عطا الله

كل حضارة تقريباً، لجأت إلى تفسير حياة الحيوان من أجل أن تفسر طباع البشر. ونسب مؤلفو الروايات الخيالية قصصاً على لسان الحيوانات تستهدف في الحقيقة عرض عيوب الناس ونقائصها، أو التعلم من أمثولاتها. من ابن المقفع إلى لافونتين صاحب الصرصور والنملة، إلى جورج أورويل في «مزرعة الحيوان» التي كانت أهم أعماله في المعركة ضد الشمولية بعد روايته (1984).
كلما اشتد الحصار النفسي أو الروحي على البشر لجأوا إلى الحيوان بحثاً عما يفتقدونه في عالمهم. لطالما عرفت مدى تعلق الفرنسيين بالحيوانات الأليفة، لكن الظاهرة تزداد ظهوراً في مناخات الأزمة. في معظم قوافل اللاجئين الهاربين من أوكرانيا كنت ترى عدداً من العائلات ومعها كلابها وهررها ثم أطفالها، وبعضها فضلت البقاء تحت القصف لكي لا تترك حيواناتها وحيدة.
أحياناً يعكس هذا الاهتمام غير المألوف في بلداننا، حياة العزلة التي يعاني منها الأوروبيون في صورة عامة. وأحياناً هي مجرد سلوى أو حماية، لكن في الأغلب الهدف هو «الرفقة» - أو «الاستحوان» على وزن «الاستئناس» - أو الشفقة المجردة كما هو شائع كثيراً في أوروبا، حيث تهتم العائلات بالحيوانات التائهة أو المتروكة.
واتفق لنا مرة أن أمضينا فترة الصيف في جوار عائلة من عائلات العطف على الهررة المشردة. وكان علينا للوصول إلى مكاننا، المرور بجحافل من القطط المستلقية هانئة في كل مكان. ومن دون نية أو قصد، تحولتُ مع الأيام إلى عالم من علماء الإيتولوجيا، أكرمك الله - أي علم اللغة، أو التفاهم الحيواني - وأخذت ألاحظ رغماً عني عادات القطط، جميعها تحذر الغرباء، وكلما اقتربت منها هربت منك. ثم تقف وتتطلع إلى الوراء، فإذا توقفت أنتَ أيضاً هدأت وخفضت ذنبها واستراحت، أما إذا أكملت خرق سيادتها، فرَّت ولم تعد تتطلع جهة الإزعاج.
قطط من جميع الألوان؛ بعضها ملون وبعضها من لون واحد. ولا عنصرية في عالمها؛ الأبيض نائم قرب المبقع، والمبقع قرب الخليط، والخليط قرب الأسود. وجميعها هادئة لا تعتدي على بعضها البعض، جميع كبارها رابضة، وجميع الحديثي الولادة تتلاعب طوال الوقت، لا تهدأ ولا تستريح إلا وقت النوم. وفي هذا المكان الكلي الهدوء في جبال فرنسا، تهدأ الطيور والعصافير والفراشات في وقت واحد تقريباً، لأن الشمس تتأخر في الغياب، تاركة للناس أن تفيد من نهاراتها الطويلة، مرددة مع الخيام: «فما أطال النوم عمراً ولا قصرَ في الأعمار طول السهر».
تفضل القطط، على ما يبدو، «السلام الدائم» الذي تحمل اسمه ساحة «تين آن مين» في بكين، على نظرية «الحرب الدائمة» التي طلع بها موسوليني، وكان أول من خسر الحرب العالمية الثانية. القطط تعرف أكثر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهررة الآمنة الهررة الآمنة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon