توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آخر رواق

  مصر اليوم -

آخر رواق

بقلم :سمير عطا الله

تقول العامة «على رواق»، أي في هدوء، أو «روق»، أي اهدأ، لمن كان غاضباً، أو «روقوا يا شباب»، إذا كانوا يتشاجرون. وحاولت أن أبحث عن أصول استخدام هذا التعبير فلم أجد له سبباً عربياً. أو ثمة عشرون استخداماً للكلمة ليس بينها الهدوء. ففي الأساس تعني «الممر» أو «العامود» أو ما شابه. لكنني عندما قرأت عن الفلسفة الرواقية عند الإغريق والرومان، تساءلت هل يعقل أن تكون قد وصلت إلى العامة، في جملة ما يصل إليها من أفكار؟
جاء الفيلسوف من قرطبة في الأندلس، حيث ولد، إلى روما، في عهد الطاغية الشهير، نيرون. وتقرب الفيلسوف منه وأصبح من كبار مستشاريه، ووضع كتبا ومسرحيات في مديحه والسخرية من خصومه. بعد سنوات اكتشفت مؤامرة لقتل نيرون بالسم، واشتبه بضلوع سينيكا فيها. أمر نيرون فيلسوفه بأن ينتحر بالطريقة السائدة بقطع شرايين يده حتى الموت نزفاً.
لبى سينيكا الأمر دون اعتراض. فلما رأت زوجته «بومبيا» ما يحدث، سارعت إلى قطع شرايين يدها هي أيضاً. غير أن نيرون أمر بتضميد جراحها، ولم تعد تكرر المحاولة. أما سينيكا نفسه فكان نزفه بطيئاً وموجعاً. ولذلك وضع نفسه محاطاً بأصدقائه، في مغطس مياه ساخنة لعل ذلك يسرع في النزف، فلما تأخر بعد ذلك أيضاً، رمي في حمام بخار حتى اختنق، وبعدها جرى إحراق جثته.
طوال تلك الدقائق الصعبة، مارس سينيكا «الرواقية». أي هدوء الأعصاب وعدم الشكوى من الألم، أو طلب أي رأفة، ولفظ أنفاسه وهو صامت. هل من هناك أخذت فكرة «الرواقية»، و«روقوا يا شباب»، أي من الفلسفة وليس من الرواق، أو الممر، الذي كان يتناقش فيه الرواقيون وسميت على اسم تلك الطريقة؟
كان نيرون الروماني الأكثر جنوناً في التاريخ، عاش في خوف دائم من المؤامرات المتخيلة والحقيقية. قتل زوجته وأمه، وأحرق روما وهو يعزف الموسيقى التي أحبها، ثم انتحر.
منذ ذلك الوقت، منتصف القرن الأول الميلادي، ذهب نيرون مثلاً في التاريخ: الطاغي الذي يحرق عاصمته، ويقتل زوجته، ثم يفشل في الهرب فينتحر. ثمة رجل آخر من روما سوف يحاول الهرب بعد سقوطها، لكن أعداء موسوليني من الشيوعيين يقبضون عليه ويقتلونه.
حيث يكثر الطغاة في التاريخ تكثر العواصم المحترقة أيضاً. لكن الإمبراطورية التي كانت الأوسع مساحة والأطول عمراً في التاريخ تفردت بأشياء كثيرة، منها أيضاً القيصر غالوس الذي لقب كاليغولا، أو «الجزمة الصغيرة»، وعرف هذا بالجنون والشذوذ الجنسي والقسوة. في المقابل عرف عنه الطموح العمراني الكبير. وفي العام 41م اغتيل في مؤامرة دبرت له في مجلس الشيوخ. نيرون كان ابن شقيقه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آخر رواق آخر رواق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon