بقلم - سمير عطا الله
تحتاج الخدع الكبرى إلى إتقان. وأحد أهم أساليب الإتقان استخدام الأرقام والخوارزميات ونسبيات أينشتاين؛ كأن تقول مثلاً: إن فلاناً هو الثالث بين المتسابقين، من دون أن تذكر أن عددهم ثلاثة. وكثرت في السنوات الشركات الوهمية، أو شبه الوهمية، التي تمنح الجوائز، أو الأغلفة على طريقة «تايم» وغلافها السنوي. وبلغت «تايم» هذه السنة عامها المائة من دون أن تمنح صفة «رجل العام» إلى رجل لم يشغل العالم برمته.
ويفوز حاكم «البنك المركزي» في لبنان، رياض سلامة، بغلاف إحدى المجلات الأوروبية الاقتصادية. وكان يسمى رجل العام عندما كانت الليرة للدولار مثل الماسة الحمراء للتاج البريطاني. وما زال على الغلاف بعدما خسرت الليرة نحو 7000 في المائة من قيمتها. ولم يكن الحاكم يكتفي بهذا الفوز، أو الغلاف المغلق، بل كان يتولى أصحاب النبوءات الإعلان عنه مسبقاً كل عام، للأهمية القصوى.
لا مشكلة. معظم الناس كانوا يعرفون سلفاً أن المسألة غير جدية، وأن الحاكم ماهر في علاقته مع الإعلام. لكن انعكاس هذه الخفة على الشركات المانحة قد يؤذي غيرها من المؤسسات الموثوقة.
وما من أحد يعرف كيف تجري «الاستفتاءات»، أو بأي طريقة، أو تحت أي رقابة. مع العلم بأن مؤلفيها يستندون أحياناً إلى المنطق، أو التحليل المقبول. لكن ضربة جنون واحدة تنسف علم الاستفتاءات نسفاً منسوفاً. قبل سنوات، نشرت إحدى المجلات خاصة نتائج استفتائها السنوي حول المرأة الأكثر تأثيراً في العالم العربي. ضع خطاً تحت هذه الكلمات: «امرأة»... «أكثر تأثيراً»... «العالم العربي».
سلم القياس مائة سيدة، في المال والأعمال والفنون والآداب. أي مرتبة تعطي فيروز؟ قبل الإجابة، رجاء العودة إلى الشروط الموضوعة. هل نتوقع لها المرتبة الأولى؟ الثانية؟ العاشرة؟ الخمسين؟ بين مائة سيدة أكثرهن غير معروف على مدى العالم العربي، تمت إزاحة فيروز إلى المرتبة 65.
فلنفترض أن الرقم صحيح وصادق؛ فأي إنسان يمكن أن يأخذ به؟ كان الأفضل نزع اسم من السباق، أو العودة إلى اللائحة التي نشرتها المجلة نفسها قبل عام، فيها كانت مرتبة فيروز الأولى؛ فماذا حدث حتى تدهورت 64 درجة في عام واحد؟