توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا فَعَلت في أفريقيا

  مصر اليوم -

ماذا فَعَلت في أفريقيا

بقلم :سمير عطا الله

تتحدث قريبتنا العزيزة عن أفريقيا وكأنها «وطنها المتواصل». تمضي الصيف في بلاد الرجل الأبيض؛ لبنان وفرنسا وإسبانيا، وفقاً لخريطة الأحفاد، والشتاء في نيجيريا والكونغو والضفة الأخرى من النهر، برازافيل، وفقاً لخريطة الأبناء. عالم الرجل الأسود. القارة السمراء تؤمن الجاه، وشواطئ المتوسط تؤمن الرفاه.
بين أفريقيا والدها في الخمسينات، وأفريقيا أبنائها وأحفادها، نقلة من الطبيب الساحر والتعاويذ ولحاء الشجر، إلى المستشفى والأشعة القادرة على التمييز بين الشريان وظله. عملت القريبة العزيزة في التدريس، وزوجها في المعادن، صفراء وبيضاء ونحاسية. والحمد لله. وبينما كان رجال العائلة يطفقون في الأدغال والغابات والطرق الترابية، كانت هي في البيت تقرأ كل ما تجمع على رفوف الدار من كتب عن القارة. قرأت جوزف كونراد، وقرأت غراهام غرين، وقرأت نايبو وألبرت شفايتزر.
سألت القريبة الأديبة مَن مِن منهم أعجبتك كتاباته أكثر من سواه؟ قالت بكل جديّة: أولادي. الكتّاب كانوا يحاولون شرح أفريقيا لقراء لا يعرفونهم. أولادي كانوا يشرحونها لي.
تقول القريبة العزيزة إن الرجل الأبيض ظلم أفريقيا، لكن الزعيم الوطني التهمها. حريّة أسوأ من الاستعمار. مستعمر قليل الشفقة، ووطني عديمها. تعطي أمثلة كثيرة. الرقيب أول جوزف موبوتو في الكونغو، الذي قلد حرفياً ليوبولد ملك البلجيك. ونهب من بلد مدقع 5 مليارات دولار. ومثل ليوبولد كان يقطن في ثكنة عسكرية. ووضع أفكاره في كتاب أخضر. وكان معجباً بكارل ماركس، لكن الأفضل للكونغو تطبيق الموبوتية؛ إنها الحل لكل القضايا.
ازرع اليوم واحصد غداً، كان يعظ موبوتو مرة، في ولاية كيسنغاني الخضراء. وكان هناك خبراء أوروبيون. وعندما انتهى، سألهم رأيهم في عبقريته، فقال له أحدهم؛ كم هذا صحيح يا حضرة الإمبراطور. وبالقليل من الجهد الإضافي تستطيع كيسنغاني أن تطعم القارة برمّتها.
تقول القريبة الأديبة إن المستعمر أهلك أفريقيا بالعبودية، والوطني دمرها بالخداع والألفاظ الفارغة والفقر، وترك الناس لنفسها ونشر الفساد، واستولى العسكريون على السلطة، لكنهم سرقوا رواتب الجنود ورجال الأمن والمعلمين. حاول المستعمر بناء دولة تخدمه، والوطني تعطيه عصا المارشالية وشهادة دكتوراه. كان الرئيس الغاني كوامي نكروما أول من أضاف اللقب وبعده أصبح إلزامياً.
تبدو القريبة العزيزة وكأنها أمضت هذه السنوات في أفريقيا لدراستها كخبيرة اجتماعية. لكنها أيضاً وقعت «في حب القارة». «كثيرون مثلنا تصبح أفريقيا بلدهم الحقيقي، ولكن من يصدقنا. الأفارقة يعتبرون أن الجلد الأبيض فظ لا يتغير، والرجل الأبيض يعتبرنا كذبة ومنافقين. أفريقيا تتطور الآن ولا حصة لنا في تقدمها ولا مكان في مستقبلها. وكذلك لا حصة ولا مكان في البلدان التي جئنا منها. غرباء هنا، غرباء هناك». كنت أعتقد طوال هذه السنين أن قريبتي تدرِّس الطبخ في أفريقيا. مفاجأة ممتعة. إنها تدرِّس التاريخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا فَعَلت في أفريقيا ماذا فَعَلت في أفريقيا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon