توقيت القاهرة المحلي 06:10:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفكرة القرية: العصفور الرمادي الصغير

  مصر اليوم -

مفكرة القرية العصفور الرمادي الصغير

بقلم - سمير عطا الله

ليس للثلج وقع وهو يتساقط، خصوصاً في الليل والناس نيام وليس صاحياً سوى الصقيع. وتلك الليلة ظل يرش كل شيء باللون الأبيض. ولما أفقنا، أمي وأنا، تطلعنا صوب الغرب، فرأينا الأودية مغمورة بأفراح الشتاء. وتطلعنا صوب الشرق، فرأينا الجبال مغطاة وصامتة.
وبعدما أوقدت أمي المدفأة بالحطب وتأكدت من أنها سمعت بنفسها صوت الدفء، خرجت إلى جوار البيت لتأتي بالمزيد من الأحطاب. فمن يعرف إلى متى يطول الثلج وتتأخر شمس الدفء في التجلّي. وبعد قليل عادت، وبدل أن تفتح الباب قرعته بفرح، قائلة: احزر ماذا معي؟
وكان عالمي صغيراً يومها. والذي أعرفهم وأحبهم قلّة. وشعرت بسعادة للسؤال، وقلت «جدي». حاولت أمي طرح السؤال مرة أخرى، فلم يكن لدي من أسميه. وأعي، في أي حال، ليس في مفاجآت الصيف أو الشتاء أو الفصول أو السنين.
عندما اشتد البرد على أمي وهي تنتظر في الخارج أن أحزر ماذا تخبئ، فتحت الباب ودخلت ضاحكة تحمل عصفوراً رمادياً صغيراً. علق في أكوام النفناف. وشعرت أمي بالخيبة عندما رأت أنني لم أهتم للأمر. كنت أريد أن يأتي جدي ومعه حكاياته عن القرى في غابات المكسيك، ومجاهل التمبيكو، وكيف كان يبيع للبيوت المتفرقة، المناديل وأدوات التطريز والخياطة، وفي اليوم التالي ينتقل على فرسه إلى قرية أخرى.
شعر العصفور الرمادي الصغير بغربة. وبقي مكانه عندما تركته أمي إلى حريته. وراح يتأملنا ويدرس المكان. وظل في مكانه، غير خائف، لكن أيضاً غير مبالٍ. ولم يكن في البيت كثيراً مما نطعمه. فحملت إليه أمي على صحن صغير، قليلاً من «مربى» السفرجل. فلم يكترث. وعاد يتأمل دقائق المكان. وشعرت أمي، كعادتها، بالأسى لأنها أسرت مخلوقاً ضعيفاً.
وعاد الثلج يتساقط في الخارج ويتكدس عند حافة النافذة. وكان حنانها يملأ جبال الكون وسهوله وبحاره. وقامت إلى واحد من الكتب القليلة التي عندنا وأخذت تقرأ لي منه. لم أعد أذكر ماذا. وفي اليوم التالي أفاقت فوراً تبحث عن العصفور الرمادي الصغير. فوجدته قرب النافذة، منشرحاً يتنقل بفرح. حملته وأطعمته «المربى»، طاب له وهز رأسه في كل الاتجاهات. واقترحت أمي أن نطلق عليه اسماً. أمضينا وقتاً في عملية البحث. ثم نسينا الأمر أيضاً. وصار العصفور الرمادي الصغير سلوى الأبواب المغلقة بالثلج. وعندما ذاب قليلاً، خرجت أمي لتأتي ببعض الحطب. فلحق بها، ثم اتجه صوب الأودية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية العصفور الرمادي الصغير مفكرة القرية العصفور الرمادي الصغير



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon