توقيت القاهرة المحلي 14:11:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مدن الصيف... البحر

  مصر اليوم -

مدن الصيف البحر

بقلم:سمير عطا الله

اليوم التالي كان عليّ العودة إلى بيروت. البحر من أمامكم والبحر من ورائكم. رحلة أخرى هادئة وممتعة. الشعور بالخوف لا يبدأ فوراً. ولكن بعد فترة كان لا بد من مواجهة المسألة: هل يمكنني التوقف عن السفر؟ حياتي المهنية نصفها سفر على الأقل، وحياتي الخاصة كلها سفر. فإذا أغلقت في وجهي الجو، ماذا يبقى؟ البحر طبعاً. هيّا إلى البحار والمحيطات، يا فتى العرب.

لكن سفر البحر بطيء وطويل، فكيف يمكن أن تمضي نصف وقتك على الطريق؟ يمكن. ما من حل آخر. وعبد الوهاب كان يغني «بالبرّ لم فتكم/ بالبحر فتوني». وماذا يشكو اكتشاف البحر؟ خوفاً من الشماتة والسخرية، كان علي أن أخفي عن «النهار» أنني من أجل الوصول إلى باريس، أستقل الباخرة من بيروت إلى الإسكندرية. ومن الإسكندرية إلى مرسيليا، ومن مرسيليا، بالقطار، إلى موعد الانتخابات في باريس. إنه أهم جزء من عملي ولن أتخلى عنه من أجل البقاء خلف المكتب في شارع الحمراء. وبدل الكتابة عن معركة الحزب الاشتراكي، أكتب عن «قوى الشعب العامل». ورحم الله صديقنا كمال شاتيلا، فقد كان غاية في الظرف والطلاقة، لكن الانطباع العام أنه كان هو الحزب، وهو قوى الشعب العامل، والعاطل عن العمل.

الفارق بين السفر في البحر، والسفر في الجو، حتى في الستينات، أن هناك عشرين رحلة جويّة في اليوم، ورحلة بحرية واحدة في الشهر. وهناك عشرون شركة طيران، وباخرة إجبارية واحدة، قد تكون إيطالية فيها غناء، وقد تكون الباخرة الروسية «أوديسا» التي تقدم قطعة من اللحم البقري وشيئاً من الأرز المهروس. للفطور. وهناك أحياناً باخرة تركية صغيرة. المهم أن تضعك على أول أرض أوروبية، وهناك تجد في انتظارك أرقى وسيلة سفر اخترعها الإنسان لنفسه: القطار. المئات منها. دقة وسلوى ومناظر، وغالباً، رفقة وأنس ومواعيد كاذبة سلفاً من الفريقين.

يساعدك في محاولات الغش البريء وتمضية الوقت، إلمام باللغات. بصرف النظر عن جنسية جارتك، اللغة ليست عائقاً، هناك اللغة الأم لجميع الشعوب، أي الإنجليزية، ثم هناك لغة الخليط، كلمة ألمانية، جملة إيطالية، إو إيماءات إسبانية، «فيفا إسبانيا».

لكن البحر عالم جديد. عالم هائل سحيق، أزرق سماوي، مخادع حساس، هادئ، متوتر، خطر، وعذب. وكما غنت فيروز «شايف البحر شو كبير، كبر البحر بحبك».

وقد أطلقت تلك التنهيدة في فضاء الحب، لأنها لم ترَ البحر إلا في أنطلياس. وعلى أقصى حد في منزل «الروشة» حيث الصخرة الكبرى، بدل أن تغري الناس بالحياة تغريهم بالانتحار. وهكذا، تحول أجمل مشهد صخري في المتوسط إلى عنوان اليأس الأخير.

إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الصيف البحر مدن الصيف البحر



GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 08:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مجدي يعقوب والعطاء على مشارف التسعين

GMT 07:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 07:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

عند الصباح

GMT 07:57 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 07:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 07:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 07:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon