بقلم:سمير عطا الله
في نهايات الأعوام، الفارطة، كما يصفها إخواننا في المغرب، والأعوام الجديدة، أو المستجدة، تكثر أشواق التوقع والتكهن وما يُطلق عليه أيضاً التنبؤات. وينقسم الناس حول هذه العادة كما يفعلون منذ أيام الفراعنة. البعض يرى في التنجيم تقليداً من الخرافات والأساطير، والبعض الآخر يراها جزءاً من علمٍ صعب ومعقّد يُطلق عليه «علم الفلك».
تشابه القراءة في النجوم إلى حدٍّ ما، القراءة في تفسير الأحلام. أي لا حسم، ولا جزم، وإنما يمضي كل فريق في طريقه، باحثاً عن مزيد من الشواهد والبراهين سلباً أو إيجاباً.
قدّمت رشا نبيل حلقة ممتازة على «العربية»، قبل انتهاء موسم الجدل حول التوقعات. وقد انقسم المشاركون في البرنامج بين فريق يؤمن بالعلم، ويرفض فكرة الأبراج رفضاً كلياً، وفريق من مجموعة سيدات يتعاطيْنَ حرفة التبصير، ويؤمِنَّ إيماناً قاطعاً بأن التنجيم علم تقرّه الجامعات الكبرى تحت عنوان «علم الفلك». ونفى مندوب العلم في الحلقة نفياً كلياً أن يكون للتنجيم موقع، أو كرسيّ، في أي جامعة من جامعات العالم. طرحت رشا نبيل سؤالاً شديد الأهمية في هذه المسألة: كيف تَصح إذاً بعض التوقعات؟ وإلى ماذا يستند فيها المتوقعون أو المبصرون؟ وكان أحد الأجوبة أن ذلك النوع من التوقعات أصبح مكشوفاً، وهو عبارة عن أشياء عامة وقراءة في أحداث معلومة، وأحياناً يستند إلى أجهزة مخابرات يكون لديها ما تريد أن توزّعه على العالم.
سرت إشاعات كثيرة في لبنان حول مثل هذه العلاقات، لكنها بقيت في سياق الإشاعة. ومضى المتوقعون، خصوصاً المشاهير منهم، يتوقعون ويتنبّأون، وغالباً ما يجزمون أيضاً. لكن على سبيل المثال لم يقدّم أحد منهم ذات مرة اسم رئيس الجمهورية المقبل، أو رئيس الوزراء، مع العلم طبعاً، أن اسم رئيس المجلس النيابي، حفظه الله، لا يتغّير ولا يتبدّل منذ ثلث قرن.
بالنسبة إليّ، تركتُ موضوع النجوم والتنجيم والأبراج، ومعها الأحلام، إلى ذوي العزم في هذه الأمور، ولا يكلّف الله نفساً إلا وسعها. وقد بقيت علاقتي بالنجوم ما بقي في ذاكرتي من أعدادها ولمعانها وثريّاتها المعلّقة في سماء القرية، وليالي الربيع. وكانت أحب إليّ نجمة الصبح، التي تسير خلف القمر كأنها تحرسه من مسافة قريبة، وكان ضوؤها أحياناً يقترب من وهج القمر إذا لم يكن قد استدار بعد. والذين لا يعرفون ما هي نجمة الصبح فإن العلم يسمّيها الزهرة. وكان من أجمل ما قال العرب: «عند الصباح يحمد القوم السرى».
إلى اللقاء.