توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفكرة القرية: تلة متحركة

  مصر اليوم -

مفكرة القرية تلة متحركة

بقلم:سمير عطا الله

كان حطاباً. وأنا أقول ذلك من البداية لكيلا يتبادر إلى الذهن أن هذه حكاية، ولها فصول وخواتم، سعيدة أو خلافها. لا شيء من هذا. لكن المحيّر أن فضل - وهذا اسمه الأول - لم يكن حطاباً على وجه الضبط. أجل، كان يعمل في تجارة الحطب، ولا شيء غير ذلك على الإطلاق، ومع هذا لا يمكن تسميته حطاباً، أو وصفه بأنه كذلك. وللمزيد من الوضوح يجب أن أضيف أنه الوحيد الذي يقوم بهذا العمل في الضيعة، وربما في الجوار أيضاً.

من بعيد، يبدو العمل مألوفاً. يذهب إلى الأحراش ويقطع ما يبسَ من الشجر، ويربطها في حزمة، ويربط الحزمة بحبل، ويلف الحبل على جبينه، ثم يتوكل وينهض ويأخذ في الطلوع صعوداً، حمله على ظهره، وظهره منحنٍ كأنما سيقبّل الأرض، ويظل صاعداً إلى أن يصل أول الضيعة، فيأخذ في إنزال الحمل على مهل، ويفك الحبل ويلقي ظهره على الحطب ويتنفس «السعداء». ثم يمد يده إلى جيب قميصه ويأخذ علبة التبغ ويلفّ لنفسه سيجارة، ويروح ينفخ في الهواء، ثم ينفض رمادها بتمهل.

إذن؟ لا. ليس إذن بعد. ما زال عليه أن يحمل الحطب من جديد ويوصل «النقلة» إلى طالبها. في أعالي الضيعة، أو في أواسطها. فمن دونه لا حطب ولا مواقد ولا دفء. الموزع الحصري الوحيد. بطل الأحمال والأثقال. قاهر الطلعات، جامد النزلات.

وقبعته؟ قبعته ترشح عرقاً وتحميه من شمس الصيف، وبرد الشتاء. وعندما يجلس ليستريح يضعها على ركبته في رفق كأنه يريد لها أن تستريح قليلاً هي أيضاً.

إذن؟ إذن ماذا؟ لا هذه ولا تلك هي المسألة. المسألة كيف يحزم هذا الرجل هذه الكمية الأسطورية من الأحطاب، واحدة حذاء الأخرى، من دون أن تقع. يصفّها صفاً كأنها ألفباء الأبجدية، أو جدول الضرب. يجمعها، يحملها، وينهض بها، ويمشي صعوداً بصعوبة مريرة، أو نازلاً في خفة خادعة.

طوال العام، طوال الحياة. المهنة «حطاب»، وهو أجادها بحيث لم يعد في إمكان أحد أن يعرف إن كانت هذه الكمية من الأحطاب تسير مثل تلة منزلقة، أو حقاً تحتها رجل يربط كل هذا النتاج من الغابات بحبل حول رأسه. في كل حال، الحطابون سيئو الحظوظ. كما في قصيدة «فينوس خوري - غاتا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية تلة متحركة مفكرة القرية تلة متحركة



GMT 21:16 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 08:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مجدي يعقوب والعطاء على مشارف التسعين

GMT 07:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 07:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

عند الصباح

GMT 07:57 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 07:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 07:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026

GMT 05:40 2019 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ديكور منزل هيفاء وهبي في بيروت يخطف الأنفاس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon