توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس للمراقب ما يفعله

  مصر اليوم -

ليس للمراقب ما يفعله

بقلم:سمير عطا الله

غابت الشمس تماماً. لم يبق من أشعتها أي لون. ويقتضي في هذه الحال أن يضيء صاحب البرج جميع الأنوار. فيفعل. ويلقي نظرة تأكدية على جميع النواحي، على نحو عفوي، ويضع حقيبة اليد على الطاولة ويفتحها للتأكد من أنه حمل معه كل لوازم العشاء. ثم، في صورة آلية، يتفقد المطار تحته مرة أخرى: المدرجات والأسوار وسيارات الإطفاء. خلو تام.

إنه وحيد هذه الليلة، هو، والمطار. عندما سلمه زميله النوبية، قال له: لا مزيد من الرحلات اليوم. الأخيرة كانت في الرابعة. «الميدل إيست» من غانا. ثمانية ركاب. تعجب الاثنان من جرأة المسافرين والطواقم على السواء. قال الثاني للأول: معظم الطيارين يجدون الوقت لتبادل التحيات والأخبار. أي أخبار؟ انتبهوا على أنفسكم. الأخطار على الأرض لا في الجوّ. أحاديث الطيارين والمراقبين.

يودع الثاني الأول ويتجه إلى سيارته. وما أن يخرج من حرم المطار حتى لا يبقى من ضوء سوى ضوء سيارته. ومن حوله عتم دامس «لا يمكنك فيه أن ترى رأس إصبعك». ينتابه خليط من خوف وذعر ومجالدة. يتطلع إلى جانبيّ الطريق، فلا يرى شيئاً سوى الظلام. ويضحك عندما يرى إشارة ضوئية لا تزال تعمل: أخضر أحمر. قف. امشِ. تمهل. لأي قانون تخضع هذه الإشارة.

الزميل الأول جلس في مقعده أمامه لوحات الرقابة، لكنه أدار التلفزيون لكي يعرف ماذا يدور في الخارج، على بعد أمتار منه. بعكس الأضواء. والخالية أمامه، كان عالم التلفزيون ملتهباً. جميع الشاشات تنقل الحرب، شعر بخوف على المراسلين وهم يعيشون في الآونة الأخيرة بين أخبار الموت والحياة. لم يعد يوجد هناك وقت لإحصاء المصابين، فجأة، اتصل بزوجته مذعوراً. لقد نسي أن يبلغها أنه أصبح في المكتب. «كيف كانت الطريق؟»، قبل أن يجيبها ارتجت الدنيا من حوله. شعر أن البرج يميل به. ثم ازداد الارتجاج هولاً. وتطلع فرأى جبلاً أسود من الدخان يتصاعد. أخذ كوباً من الماء يرطب جزعه، قالت له زوجته إنها ترى المشهد نفسه على التلفزيون. ثم طبعاً، السؤال الدائم: طويلة؟ ويجيب أن هذا ما يبدو. جهنم ومفتوحة. ثم سمع انفجاراً آخر كأن جحيماً من القنابل اندلع في المبنى نفسه.

كاد يضحك من نفسه وهو يرى أنه لا عمل يفعله، بينما في الأيام العادية لا يستطيع أن يترك الشاشة لحظة واحدة، هو أو أي من رفاقه. واحد من أقدم مطارات العالم مغلق، لكنه مضاء مثل قلعة بعلبك.

أسلحة نتنياهو تقصف، وتقذف وتبيد وتبدد. تذكر المراقب شيئاً. اتصل بزوجته مرة أخرى: نسيت أن أسألك: هل ولّدت ابنة الجيران!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس للمراقب ما يفعله ليس للمراقب ما يفعله



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon