توقيت القاهرة المحلي 08:26:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس للمراقب ما يفعله

  مصر اليوم -

ليس للمراقب ما يفعله

بقلم:سمير عطا الله

غابت الشمس تماماً. لم يبق من أشعتها أي لون. ويقتضي في هذه الحال أن يضيء صاحب البرج جميع الأنوار. فيفعل. ويلقي نظرة تأكدية على جميع النواحي، على نحو عفوي، ويضع حقيبة اليد على الطاولة ويفتحها للتأكد من أنه حمل معه كل لوازم العشاء. ثم، في صورة آلية، يتفقد المطار تحته مرة أخرى: المدرجات والأسوار وسيارات الإطفاء. خلو تام.

إنه وحيد هذه الليلة، هو، والمطار. عندما سلمه زميله النوبية، قال له: لا مزيد من الرحلات اليوم. الأخيرة كانت في الرابعة. «الميدل إيست» من غانا. ثمانية ركاب. تعجب الاثنان من جرأة المسافرين والطواقم على السواء. قال الثاني للأول: معظم الطيارين يجدون الوقت لتبادل التحيات والأخبار. أي أخبار؟ انتبهوا على أنفسكم. الأخطار على الأرض لا في الجوّ. أحاديث الطيارين والمراقبين.

يودع الثاني الأول ويتجه إلى سيارته. وما أن يخرج من حرم المطار حتى لا يبقى من ضوء سوى ضوء سيارته. ومن حوله عتم دامس «لا يمكنك فيه أن ترى رأس إصبعك». ينتابه خليط من خوف وذعر ومجالدة. يتطلع إلى جانبيّ الطريق، فلا يرى شيئاً سوى الظلام. ويضحك عندما يرى إشارة ضوئية لا تزال تعمل: أخضر أحمر. قف. امشِ. تمهل. لأي قانون تخضع هذه الإشارة.

الزميل الأول جلس في مقعده أمامه لوحات الرقابة، لكنه أدار التلفزيون لكي يعرف ماذا يدور في الخارج، على بعد أمتار منه. بعكس الأضواء. والخالية أمامه، كان عالم التلفزيون ملتهباً. جميع الشاشات تنقل الحرب، شعر بخوف على المراسلين وهم يعيشون في الآونة الأخيرة بين أخبار الموت والحياة. لم يعد يوجد هناك وقت لإحصاء المصابين، فجأة، اتصل بزوجته مذعوراً. لقد نسي أن يبلغها أنه أصبح في المكتب. «كيف كانت الطريق؟»، قبل أن يجيبها ارتجت الدنيا من حوله. شعر أن البرج يميل به. ثم ازداد الارتجاج هولاً. وتطلع فرأى جبلاً أسود من الدخان يتصاعد. أخذ كوباً من الماء يرطب جزعه، قالت له زوجته إنها ترى المشهد نفسه على التلفزيون. ثم طبعاً، السؤال الدائم: طويلة؟ ويجيب أن هذا ما يبدو. جهنم ومفتوحة. ثم سمع انفجاراً آخر كأن جحيماً من القنابل اندلع في المبنى نفسه.

كاد يضحك من نفسه وهو يرى أنه لا عمل يفعله، بينما في الأيام العادية لا يستطيع أن يترك الشاشة لحظة واحدة، هو أو أي من رفاقه. واحد من أقدم مطارات العالم مغلق، لكنه مضاء مثل قلعة بعلبك.

أسلحة نتنياهو تقصف، وتقذف وتبيد وتبدد. تذكر المراقب شيئاً. اتصل بزوجته مرة أخرى: نسيت أن أسألك: هل ولّدت ابنة الجيران!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس للمراقب ما يفعله ليس للمراقب ما يفعله



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon