توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رجال السكينة

  مصر اليوم -

رجال السكينة

بقلم:سمير عطا الله

كان سليم الحص واحداً من ثلاثة رؤساء حكومة متشابهين في العالم العربي: عبد العزيز حجازي في مصر، وعبد الرحمن اليوسفي في المغرب، وهو في لبنان. ثلاثتهم من جذور متواضعة، الثلاثة رجال علم واختصاص في الاقتصاد، وثلاثتهم نزاهة وترفُّع بلا حدود. إذا كان لا بد من أول بين هؤلاء السادة المتساوين، فإن لبنان لم يعرف في كل تاريخه سياسياً في نقاء سليم الحص. بمن فيهم فؤاد شهاب وريمون إده، لأنهما تعاطيا السياسة أحياناً بأغراض شخصية. لم يقع سليم الحص مرة في هذا الخلل.

كان سليم الحص فقير العائلات البيروتية. يتيماً. تعطيه أمه نصف قرش «مصروف الأسبوع». وفي ذلك البيت المتواضع انكبَّ على الدرس وأصبح طالباً في الجامعة الأميركية، ثم أستاذاً، ثم وزيراً، ثم رئيس وزراء، ثم مواطناً عزيز النفس، عالي الكرامة، قلعته أخلاقه.

القاعدة العامة في لبنان أن السياسي الذي يُعطى الجاه يطلب المال، والذي يُعطى المال يطلب الاثنين، والذي يُعطى الاثنين يطلب المزيد. هو، سليم الحص، لم يطلب ولم يزد، لا أفسدَ ولا أُفسد. خصومه وأصدقاؤه كانوا يتبرمون منه لأنه «حرف لا يقرأ»؛ لا وساطة، ولا صداقة، ولا قربى ولا نفوذ.

داخل الحكم وخارجه، كان الحص واحداً، رجلاً رضياً هادئاً، صلباً ومليئاً سكينة وطمأنينة. لم ينتسب إلى حزب أو جماعة أو تكتل في بلد محشو بالرايات المتضاربة والمتحاربة. وكان يحفظ مال الدولة كأنه مال الأيتام. وبين الذين نعوه بالبكاء «دار الأيتام الإسلامية»، أنه من أجل أيتامها فقط كان يمكن أن يخالف عادةً من عاداته أو طقساً من طقوسه. وهذا الرجل الصلب كان إنساناً طيباً وفي غاية الظرف، محباً للنكتة، مفتوناً بالدعاية، ولا يمانع إطلاقاً في أن تذبح أمامه خصماً من خصومه شرط أن يكون الشوك من النوع الذي لا يدمي. وكان قارئاً ومثقفاً وأصيلاً عميقاً في عروبته.

كان نموذجاً صعباً في لبنان. ليس من قلة الأوادم والشرفاء، وإنما لأن العمل السياسي محنة يومية تهد الحصون. ومن يتغلب عليها فكأنه أحدث معجزة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجال السكينة رجال السكينة



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon