توقيت القاهرة المحلي 08:21:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معاليه صاحب نكتة

  مصر اليوم -

معاليه صاحب نكتة

بقلم :سمير عطا الله

عندما شكل الرئيس سعد الحريري حكومته الأولى، ذهبت لأداء واجب التهنئة. وخلال اللقاء دخل مستشاره، الجديد هو أيضاً على سياسات لبنان، وكانت يومها تتصدر أخبار الحرائق في كل مكان. وقلت للسيد المستشار إننا تعلمنا من تمضية الصيف في جنوب فرنسا، أبسط الطرق وأسرعها وأكثرها فاعلية في إطفاء الحرائق. فمن الشاطئ كنا نرى كل يوم تقريباً طائرات «الكندري» البرمائية، تعبئ المياه وتنقلها إلى مركز الحرائق حيث ترميها دفعة واحدة خلال 12 ثانية، وتكرر ذلك إلى حين إطفاء النار. وهال المستشار أن يطلع غيره بفكرة مفيدة، فسارع إلى إسكاتي بالقول «هناك مشروع يعده دولته لشراء مثل هذه الطائرات». قلت له، أنا لا أحدثك عن مشروع، فنحن جميعاً نعرف مصيرها. أنا أقترح أن يقدم الرئيس الحريري طائرتين هدية إلى الدولة من ثروته الخاصة، بحيث تتم العملية فوراً. تركنا السيد المستشار إلى أشياء أكثر أهمية وسرعة. وبما أن سعادته لا يملك الوقت للرد على المكالمات الهاتفية، فقد توقفت عن الاتصال وطبعاً لم تظهر طائرة «كندري» واحدة في بلاد الغابات و«نشيد الشجرة» الذي يتعلمه الأطفال في لبنان عند الصغر: «جنة في وطني/ من صباح الزمن/ تملأ الأرض اخضراراً/ والسماوات افتراراً/ بالشجرة...».
ضربت النار خضرة لبنان هذا الصيف وحولتها إلى فحم يختلط بالعتم والظلم وسوء الحظ الملازم. ولم أعد أتابع نشرات الأخبار لأنني لم أعد أتوقع شيئاً أو أملاً أو عملاً. ولذا لم أتذكر حكاية «الكندري» ومشروع سعادة المستشار. لكنني تذكرتها عندما قرأت أن فرنسا أرسلت إلى الجزائر طائرتي إطفاء برمائيتين لمساعدتها في حصر الكارثة الوطنية.
العزاء والتعزية للجزائر. ولكن هل يجوز لدولة نفطية رئيسية مثلها ألا تكون طائرتا إطفاء برمائيتان ضمن أسطولها الجوي؟ لماذا لا يفكر العرب إلا في الطائرات المقاتلة. لماذا لا يعتبرون أن أمن البلدان هو أيضاً في القوى الطارئة لمواجهة الكوارث. من يعتب على لبنان أو يسائله وهو غارق في البحث عن وزيرين وحقائب وحليب أطفال.
لم يعد مسموحاً، أو مقبولاً للدول السوية أن تتجاهل أننا دخلنا العصر البيئي أو المناخي منذ زمن. ولم تعد الحرائق حدثاً نادراً أو بعيداً: من كاليفورنيا إلى سيبيريا إلى الجزائر، ولم تعد الحروب دبابات ومدافع فقط، بل أيضاً فيضانات وحرائق غير مسبوقة في الأحجام والخسائر وتدمير البيئة إلى سنوات طويلة. ومن طبيعة الكوارث أنها تتأتى من كوارث أخرى. فالذي يؤدي إلى الحريق غالباً هو الجفاف، وخراب الطوفان مثل خراب الاحتباس. ولم تعد وزارة البيئة في الدول المحترمة حقيبة ثانوية، كما ينظر إليها العقل المستهتر واللامبالي. ويقال أن أحد الرؤساء اختار لوزارة البيئة رجلاً كان يضحكه. وبالفعل نجح الرجل كمهرج وصاحب نكتة، لكنه فشل كمسؤول وصاحب خبرة.
ملايين الكيلومترات المربعة احترقت هذا الصيف، في أسوأ ما عرفه التاريخ البشري المدوّن. والمشهد في جبال الجزائر هو الأكثر حزناً: 65 قتيلاً بينهم 22 جندياً، و69 حريقاً، بعضها إجرامي مفتعل. وحداد رسمي لثلاثة أيام. والرياح الضاربة في المغرب العربي الجميل لا تكل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معاليه صاحب نكتة معاليه صاحب نكتة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon