توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مدن الإسلام: بناء القُبّة الحجرية

  مصر اليوم -

مدن الإسلام بناء القُبّة الحجرية

بقلم: سمير عطا الله

حافظت القيروان تاريخياً بجزئها المركزي وضواحيها على نسيجها الحضري بتشكيلاتها ومكوناتها المعمارية وتصميماتها الهندسية، ولم يؤثر التكيف مع أنماط الحياة الجديدة والمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك أعمال الترميم التي تم تنفيذها مع مرور الوقت، على الأصالة والهيكلية الجوهرية.

لم تكن شمال أفريقيا في القرن السابع بالمكان السهل لتأسيس مدينة جديدة، حيث تطلب الأمر محاربة البيزنطيين وإقناع البربر، السكان الأصليين لشمال أفريقيا، بقبول حكم إسلامي مركزي، علاوة على إقناع تجار الشرق الأوسط بالانتقال إلى شمال أفريقيا. لذا، وفي عام 670 م، بنى القائد سيدي عقبة مسجد الجمعة بالقيروان في تونس الحديثة، كما كانت تعرف آنذاك. كان المسجد إضافة مهمة وإشارة، في ذلك المكان والزمان، إلى أن القيروان ستصبح عاصمة عالمية تحت سيطرة إسلامية قوية. الجامع الكبير كان مثالاً مبكراً لمسجد بُني وفق طراز مخطط الأعمدة، الذي يعكس أيضاً كيفية دمج الفن والزخارف لما قبل الإسلام في العمارة الدينية لشمال أفريقيا الإسلامية. خلال القرن الثامن، أُعيد بناء مسجد سيدي عقبة مرتين على الأقل مع ازدهار القيروان. ومع ذلك، فإن المسجد الذي نراه اليوم يعود في شكله الحالي إلى القرن التاسع. كان الأغالبة (800 - 909 م) حُكّاماً شبه مستقلين لجزء كبير من شمال أفريقيا. في عام 836 قام الأمير زيادة الله الأول بهدم معظم الهياكل القديمة المبنية بالطوب اللبن، وأعاد بناءها بحجر وطوب وخشب أكثر ثباتاً. قاعة الصلاة أو الحرم، شُيّد مدعوماً بصفوف من الأعمدة وفناء مفتوح، هذه كانت سمة من سمات مخطط الأعمدة. في أواخر القرن التاسع تم تحديث مدخل الفناء إلى مصلّى وأُضيفت قبة على الأقواس المركزية والبوابة، تؤكد موضع محراب الصلاة. تسمح النوافذ الصغيرة الموجودة في أسطوانة القبة فوق مساحة المحراب بدخول الضوء الطبيعي إليه. وترتكز الأسطوانة على حنيات ركنية، وهي عبارة عن أقواس صغيرة مزينة بصدف على زخارف وردية تمثل الفن الإسلامي الروماني والبيزنطي، وكذلك العصر الأموي. تم بناء القبة الحجرية من أربعة وعشرين ضلعاً يحتوي كل منها على حافة صغيرة في قاعدتها، لذلك تبدو القبة مثل شمام مقطّع، وفقاً للمؤرخ المعماري كي إيه سي كريسويل K A C Creswell.

استمر تعديل المسجد حتى ما بعد الأغالبة مما يدل على أنه ظل مهمّاً دينياً واجتماعياً حتى مع تدهور القيروان. المعز بن باديس (1016 - 62 م) الزيري، أمر بإضافة مقصورة خشبية، وهي مساحة مغلقة داخل المسجد كانت مخصصة للحاكم ورفاقه. يتم تجميع المقصورة من حواجز خشبية مقطوعة، تعلوها شرائط من الزخارف النباتية المجردة المنحوتة والمثبتة في إطارات هندسية، ونقوش بالخط الكوفي وثلمات تبدو مثل الشقوق أعلى جدار القلعة. يقال إن المقصورات كانت تشير إلى عدم الاستقرار السياسي في المجتمع، يعزلون فيها الحاكم عن بقية المصلين. لذا كانت العلبة مع نقوشها للحماية من الشر وتأكيد مكانة الأشخاص المسموح لهم بدخولها.

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام بناء القُبّة الحجرية مدن الإسلام بناء القُبّة الحجرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon