توقيت القاهرة المحلي 06:56:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفيلق المصري

  مصر اليوم -

الفيلق المصري

بقلم - سمير عطا الله

كادت تذهب إلى النسيان الكلّي مأساة نصف مليون عامل مصري سخّرهم البريطانيون أوائل القرن الماضي للعمل في عدد من المستعمرات والدول الأوروبية، بينها فرنسا وبلجيكا وإيطاليا، وفي سيناء وفلسطين وسوريا والعراق وإسطنبول، وبعض الجزر اليونانية. وقد عُرف هؤلاء التعساء باسم «الفيلق المصري» الذي توفي منهم تحت المرض والإرهاق نحو 50.000 شخص على الأقل. جنّد البريطانيون هؤلاء العمال في أوساط الفلاحين، وبذلك أثّر غيابهم على الاقتصاد المصري نفسه. وعوملوا أشد معاملات السوء، كما مارس الضباط البريطانيون عليهم أشد أنواع الغطرسة والعجرفة.

في كتابه الجديد «الفيلق المصري – جريمة اختطاف نصف مليون مصري»، يقدّم الدكتور محمد أبو الغار قصة ملحمة إنسانية حاول البريطانيون طمسها إلى سنوات عدة. لكن بعض الوثائق البريطانية أظهرت شيئاً من الحقيقة خلال الاحتفالات بمئوية ثورة سعد زغلول. وكانت الروايات العربية في الماضي حول هذا الموضوع متواضعة وغير كافية. كما كان من الصعب الوصول إلى أي وثائق مصرية تفصيلية في هذا الموضوع. وإحدى المراجعات المهمة وضعها المؤرخ عبد الرحمن الرافعي، الذي رأى أن عدد الفيلق كان مليون رجل وليس نصف مليون، فيما يشدد الرقم الرسمي البريطاني على أن العدد كان 530 ألفاً، يوم كان مجمل سكان مصر 12 مليون نسمة. وفيما قلّت الوثائق المصرية، أو حُجبت عن الباحثين، سافر الدكتور أبو الغار إلى لندن واطلع في المتحف الحربي الإمبريالي على جميع الوثائق لديه. ويروي في مقدمة الكتاب أنه تراسل مع إدارة قاعة المحفوظات في المتحف، وطلب منها تجهيز الوثائق المطلوبة سلفاً. وعندما وصل إلى هناك، رأى معظم الوثائق جاهزة للتصوير، فيما أرسلت إليه الأوراق الباقية إلى مصر. أما تكلفة كل هذا المجهود فلقد بلغت عشرة جنيهات إسترلينية، هي بدل التصوير وحده، والباقي مجاني كله.
يبحر الدكتور أبو الغار في أوراق «الفيلق المصري» (دار الشروق) كعادته في البحوث العلمية التي تطبع جميع كتاباته. وثمة طابع آخر يلازم أبحاثه هو الطابع الإنساني الذي يغلّف كل مساعيه، ويزيّن الروح المصرية التي ترافق كل كلمة من السجايا التي تظهر واضحة كيفما كتب، وفي أي موضوع يكتب.
لست أعرف الكثير عن الشروط التي تُمنح بموجبها جائزة «نوبل للسلام»، أو ما إذا كان ذلك يشمل الكتّاب المختصّين والمكرّسين بقضايا الألفة والمحبة في بلدانهم. غير أن هذا الأمر، أو ما يتراءى لي كلما قرأت موضوعاً من مواضيعه، أو تابعت رحلة من رحلاته في بلاد الإنسان. وقد ذكرت من قبل، وأحب أن أكرر الآن، أن هذا الطبيب والعالم يضيف الكثير من نفسيته الراقية إلى أهل القلم. وإذا كانت جائزة «نوبل» لا تقع في هذا الإطار، فإنني أتمنى أن يُكرّم بجائزة من جوائز الشيخ زايد، التي تُعنى بهذا النوع من العطاءات الأدبية والإنسانية.
تقوم الحكومة البريطانية الآن بالبحث عن أوراق ضحايا «الفيلق المصري» من أجل العثور على أي ورقة أو وثيقة تمكّنها من تحديد هويات الضحايا، بحيث يمكن التعويض المادي والمعنوي لوَرَثَتهم.
أبطال مجهولون ثمة من يكشف النقاب اليوم عمّا قدّموه وعمّا تعرّضوا له. وسوف تُضم الأسماء المعروفة إلى نحو 120 ألف مصري ماتوا وهم يعملون في حفر قناة السويس، وظلّوا مجهولين إلا من أهاليهم، وطبعاً من وطنهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيلق المصري الفيلق المصري



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon