توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بحيرات الملح

  مصر اليوم -

بحيرات الملح

بقلم - سمير عطا الله

أول مرة سمعت اسم «سُولت ليك سيتي» (مدينة البحيرة المالحة) كانت في عشاء مع غسان تويني وزوجته الشاعرة ناديا. قالت ناديا إن الاسم الشاعري يشبه أسماء القصائد الكبرى في الآداب، مثل «الأرض اليباب»، (تي إس إليوت)، وإن الاسم يرن في نفسها شاعرياً وأليفاً مع أنها لم تذهب يوماً إلى المدينة، ولا حتى إلى ولاية يوتاه برمّتها.

ثم تراءى لي أن الروائي عبد الرحمن منيف تأثر على الأرجح بالاسم عندما اختار «مدن الملح» عنواناً لمجموعته الشهيرة. وفجأة خرجت بحيرة الملح من الرومانسية والشاعريات ودخلت عالم المال، عندما تحدثت صحف العالم عن أن رجل الأعمال السعودي عدنان الخاشقجي اشترى أعلى برج سكني في «سولت ليك سيتي». كان الخاشقجي يومها في عز شهرته وذروة صورته، كمغامر وساحر وحامل مصباح علاء الدين. ويومها عرفت معنى الفارق بين الاسم كعنوان لقصيدة وبينه كرقم لصفقة.

عاد الاسم والبحيرة إليَّ وأنا أقرأ الآن أن بحيرة الملح مهدَّدة بالزوال، حقيقةً وشعراً. إنها يد الإنسان تعبث في انتظام الطبيعة وعبقريتها. وقد أدى ارتفاع عدد السكان وزيادة المشاريع الزراعية إلى جفاف وهبوط في مستوى البحيرة هو الأدنى في التاريخ.

فقدت البحيرة (الثامنة في العالم) 73 في المائة من مياهها بسبب المشاريع الضخمة والجفاف الذي يضرب غرب الولايات المتحدة منذ عقدين. وسُجل أخيراً انخفاض هائل في مستوى سطح البحيرة. وزال الكثير من منظر البحيرة الجميل، وحل محله مشهد الرمال اللامتناهية والطيور الميتة. أما «المارينا» التي كانت تزدحم بالمراكب والسياح، فقاحلة اليوم، والمراكب مهجورة.

وسرعة الانهيار في تزايُد. والنشاط الصناعي والتجاري ينقص. وأدى جفاف البحيرة إلى ارتفاع مستوى البحار: تتبخر مياه البحيرات وتتساقط أمطاراً في المحيط.

لاحظْ جنابك كم تغيّرت حياة البشر. كان الإنسان كائناً مفتوناً بالشعر، فأصبح مأخوذاً بالبيئة. وكنا نعتقد أن التغير المناخي ترفٌ طلع به المتفذلكون، فإذا به يؤثر في الحياة اليومية لكل واحد منا. وأصبح الاختلال في دورة الطبيعة يحمل الأضرار والأذى للجميع. تعاني تركيا وسوريا والعراق من آثار الجفاف، بينما تتساقط الثلوج في السعودية وبعض المناطق الصحراوية.

لم يكن يخطر لي يوماً أن أقرأ، فكيف أن أكتب في أمور البيئة! لا علاقة للإنسان العادي بهذه الأشياء، والفصول تتولى إدارة نفسها على ما يرام، كما فعلت من آلاف السنين. لكن تبين أن كل شيء تغير على نحو مخيف فوق الكوكب الصغير.

عندما أصدر الزميل نجيب صعب قبل ثلث قرن مجلة «البيئة» خُيّل إليّ أنه سوف يعثر على قرائه على سطح القمر. لكن مع الأيام اكتشفنا أنه أنشأ مشروعاً مستقبلياً بعيد النظر. ثم أصبح مقاله هنا، في مصاف المقالات السياسية من حيث المتابعة. بل حتى في دولة إهمالية مثل لبنان، أصبحت للبيئة وزارة، ولو أنها لم تكن أحياناً تُعطى لصاحب اختصاص، بل لرجل يضحك البلاطة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بحيرات الملح بحيرات الملح



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon