توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

امنعوا رواندا أخرى

  مصر اليوم -

امنعوا رواندا أخرى

بقلم - سمير عطا الله

غادر الاستعمار السودان، وهو أكبر دولة في أفريقيا، وطن عربي ببشرة سمراء. وكانت القبائل الرئيسية التي يتشكل منها تعيش متألقة. وفي الخرطوم كان يلتقي النيل الأبيض مع النيل الأزرق في تلقائية طبيعية رغم اختلاف اللونين والمنبعين. وكان الشمال والجنوب «حتة واحدة». وكان نجل المهدي رجل الثورة ضد الجنرال غوردون يعود إلى البلاد بعد إكمال دروسه في أوكسفورد، غرة العلم في بلاد الإنجليز، كما عاد نهرو من جامعة كامبريدج.
الأول، أي صادق المهدي، حمل معه أحلام أوكسفورد فوجد قبالته رجال الثكنات. الثاني أقام حكماً مدنياً أبعد العسكر، وأقام أكبر وحدة ديمقراطية على وجه الأرض؛ أنزل المهراجات عن ظهور الأفيال، ودمج «المنبوذين» والجائعين والفقراء.
اتسع الحكم المدني في السودان هو أيضاً للجميع، وتم دمج «الوثنيين» وسائر الإثنيات، وشدد النيل الأواصر مع مصر، التي سوف يصبح رئيسها محمد نجيب من مواليد مصر. عام 1965 بدأ الفريق إبراهيم عبود مرحلة العسكر والانقلابات والتفتت. والذين اعتقدوا أن خراب البلاد سوف يبلغ ذروته مع المشير عمر البشير وأشقائه وأشقاء زوجته وسائر عائلتها، كانوا على خطأ. سوف تبدو فظاعات الرجل شيئاً بسيطاً أمام ما حصل ويحصل على أيدي ورثته والمنقلبين عليه. الصراع الأناني الكريه بين «رفاق المسيرة» تَحول إلى جحيم مفتوح لم تعرف الخرطوم مثله من قبل. أعادت المشاهد الآتية من السودان إلى أذهان العالم صور الانقلابات الدموية في أفريقيا بُعيد المرحلة الاستقلالية، ولكن على نحو أسوأ بكثير. وفي هذا الجحيم المفتوح تظهر ملامح كثيرة من بدايات الحرب الأهلية في لبنان، حيث تسقط الهدنة تلو الأخرى قبل إعلانها، وحيث يزداد عدد المرتكبين الذي يدَّعون البراءة، ويتظاهرون بالدعوة إلى الهدوء. أيُّ هدوء في حرب بين العسكريين أنفسهم؟ ولماذا هذا التوحش كأنها حرب السودان الأخيرة؟
منذ سقوط البشير وعصاه لم يعرف السودان الاستقرار يوماً واحداً. ولم يَصْدق المتقاتلون مرة واحدة. ولماذا كل هذه الشراسة المريعة التي تقتل وتشرّد مَن بقي من الآمنين؟
«الأسرة الدولية» و«منظمة الوحدة الأفريقية» وسائر المؤسسات الدولية، تقف عاجزة كالمعتاد أمام حجم المأساة. وهذا العجز وحشية من نوع آخر. إن الهول القائم في الخرطوم يوحي كأن البلاد على مشارف رواندا أخرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امنعوا رواندا أخرى امنعوا رواندا أخرى



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon