توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بيض بأوز وبيض بدجاج

  مصر اليوم -

بيض بأوز وبيض بدجاج

بقلم - سمير عطا الله

كلما كبر الإنسان وازدادت تجاربه سهلت اقتناعاته واسترسل لإيمانه بالأقدار. وأرسطو يقول إن الله لا يخلق الكون كل يوم، لكنه يحركه كل لحظة، ويطلقه على الدوام ضمن نظام الكون في الصح والخطأ، وفي احتمالات الشواذ، من ضمن القاعدة نفسها.
والفلاسفة لا يخلقون كوناً جديداً ولا طبيعة جديدة، لكنهم يفسرون لنا حركة الطبيعة وطبيعة البشر. وبحسب أرسطو، الأساس في الطبيعة وفي الإنسان، يأتي من الخارج لا من الداخل. بذرة العبث تأتي عنباً لا سنديانة. ومن الخارج يبدو البيض كله على شكل واحد وقشرة واحدة، لكن من الداخل تكون مرة دجاجة ومرة أوزّة، ومرة كنارياً ساحراً. ولست أذكر من الذي قال إن الغربان تأكل البلابل، لعلها بذلك تستطيع أن تغرد، لكن لا يتأتى لها من ذلك سوى الريش الأسود. ويظل لهذه تغريد ولهذه نعيق. والمثال الأكبر على نظرية أرسطو هو الإنسان. الشكل واحد والمكونات واحدة والبيئة واحدة وظروف الجنين واحدة، لكن من هذا الكائن يظهر الولي الصالح والحكيم، والعبقري، والمجرم، والشاعر، والمخترع، والذي حرق الطيار الأردني في قفص، ويعرض الشريط على العالم. وبعض من في هذا العالم يفرح.
مع التقدم في العمر تتقدم في العلم وتعلم أكثر أن الدنيا قدر وقرار معاً. يقول الشاعر الفرنسي ألفرد دوفيني: «تفتقد كائناً واحداً فإذا العالم قفر». ولو أكمل لأضاف: «يحضر كائن واحد وإذا العالم امتلاء». وفي الحالتين القدر يضعك في طريق هذا الكائن، أو يمر دهر ولا تعرف بوجوده.
الحقيقة أن سقراط وأفلاطون والجاحظ وهيغل، لم يفلسفوا الأشياء لنا، بل بسطوها وأوضحوها لكي نفهمها ونبررها ونتمكن من الحياة معها. والتبسيط من أعقد الأشياء وأصعبها. لذلك يوكل الأمر إلى معلمين. ولذلك أيضاً، العلم مثل الفكر، لا نهاية له.
تطوّرت مهنة الصحافة التي أدعي معرفتها منذ بداياتي إلى اليوم، ألف عام على الأقل في كل اتجاهاتها، ومع ذلك تتطلع إلى بعض المعيَّنين عليها وتشعر أنك رأيتهم منذ ألف عام. وما يزال أمامنا ألف عام آخر. لأن المسألة في الداخل، كما شرح الموقر سقراط. مسكين ذلك الأستاذ، فضل الانتحار بالسم على أن يموت قهراً بالعيش مع الجهلاء. وعندما أطلب من سعادته المزيد من التوضيح يتأفف لأنه على موعد مع حواريه: «لا وقت لدي. تعال احضر صف يوم الثلاثاء أمام الأكروبوليس مع بقية التلامذة». وذهبت يوم الثلاثاء ولم أجده، فسألت الشباب، ماذا حدث للمعلم، قالوا تباً للعناد، فقد قرأ ثلاث مقالات عن محاربة الجهل والغرور دفعة واحدة، ومات بالخانوق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيض بأوز وبيض بدجاج بيض بأوز وبيض بدجاج



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon