توقيت القاهرة المحلي 23:57:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أغداً ألقاك

  مصر اليوم -

أغداً ألقاك

بقلم - سمير عطا الله

أفتقد نيويورك. وأعتقد أن الذين يفتقدونها حقاً مثلي لا يبوحون بذلك. فالإنسان العادي يشتاق عادة إلى المدن الأليفة، أو المدن المليئة هندسات جمالية، مثل روما أو فيينا. أو تلك التي لا تشعر فيها أنك غريب مثل لندن. أما نيويورك حيث الهندسة مثل رسوم الأطفال، مبان عالية، وشوارع عريضة وزحام متواصل، فماذا تفتقد فيها؟ لا أدري. لا أحب شتاءها العاصف، وصيفها الرطب، وطرقاتها القاسية، وتاكسياتها الرديئة والخارجة على القانون، ولا أحب حلول المساء فيها، إذ تفرغ في سرعة رهيبة وتقفر، ويهرع المشردون إلى التوزع على صناديق الكرتون عند مداخل المباني، بيوت الذين لا بيوت لهم.
كتب جان بول سارتر (1955) أن نيويورك مزيج من مدينة للسائقين وأخرى للمشاة: «أنت لا تقوم بنزهة في نيويورك. أنت تحلّق عبرها». ومع ذلك امتدحها سارتر وكرر العودة إليها. وكذلك فعل ألبير كامو وأندريه مالرو، وجميع الذين ثاروا على المدينة الأميركية التجارية، واعتبروها مادية صلفاء ومعادية لحضارة الغرب.
لكنني أشتاق إلى نيويورك. إلى ساعات المشي الطويلة من شرقها إلى غربها. وإلى عبور «سنترال بارك» الذي يعبره معك جمع من أجناس البشر، وإلى الجولة اليومية على أغنى وأحدث المكتبات، وإلى المسرح الذي ما من مسرح في أبهته. فيه شاهدت كبار النجوم الذين لا يشاهدهم الناس إلا على الشاشة. أنا شاهدت ركس هاريسون في «سيدتي الجميلة» على بعد مترين، وكنت إلى جانب وودي آلن تماماً وهو يعزف الكلارينت في مقهى فندق كارليل.
الحقيقة أنني بسبب ذلك أفتقدها. إنها مدينة الجميع. وجميعهم قريبون منك، وبسطاء، ويسبقونك إلى إلقاء التحية. لماذا؟ لأنهم جميعاً غرباء أيضاً. حتى الذين ولدوا فيها. مدينة لا تتوقف ولا ترتاح. عليها أن تقدم كل يوم لائحة بآخر المخترعات في سباق العلم. وعليها أن تسمع أهم المحاضرين، وأن تقدم أعظم المعارض، وأن تشقى كل ساعة، لكي تثبت، على مدارها، أنها أهم مدن أميركا.
الشيء الوحيد الذي تخافه وتخشاه في نيويورك، هو الوحدة. أن يحل المساء وليس لديك رفيق تتناول معه العشاء. أن تحل الويك إند وليس لك صديق تخرج معه إلى المدينة. أن يحل موعد التقاعد ولم توفق إلى منزل في الريف.
أفتقد نيويورك. وأصدقائي، والطبيب الذي سألني عن مهنتي وأجبت أنني كاتب، رفض أن يقبل مني بدل أتعابه. أجل، يمكن أن يحدث ذلك في مستشفى الجادة الثانية، وفي كولمبوس سكوير يمكن أن تقدم لقاطنة الرصيف نصف فطورك، وتقبله منك على أنه فطورها كاملاً، وتسألك في مودة، هل نراك غداً؟ أخبرتها ضاحكاً أن شاعراً في بلادي طرح السؤال بصيغة المفرد: أغداً ألقاك؟، وكان اسمه الهادي آدم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أغداً ألقاك أغداً ألقاك



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon