توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مدن الإسلام: بكاء الوقفة الأخيرة

  مصر اليوم -

مدن الإسلام بكاء الوقفة الأخيرة

بقلم - سمير عطا الله

إن فقدان القيروان كعاصمة لم يُغير نفوذها بأي شكل من الأشكال. فقد ظلت المدينة فكرياً بين أشهر المراكز في شمال أفريقيا، جذبت كثيراً من العلماء والفقهاء، وأطباء، ومثقفين، وأصبحت القيروان مركزاً مهماً للتعليم في المنطقة المغاربية، لا سيما في مجالات الفقه والقانون، وملتقى للشعراء.
مثّل الجامع الكبير في القيروان الإسلام المتسامح في المذهب المالكي، وقد استوحي تصميمه من المسجد الأقصى في القدس، وكان نموذجاً لكثير من المساجد الأخرى، لا سيما مسجد قرطبة الكبير. بقي لفترة طويلة مثالاً بارزاً للعمارة الإسلامية، بما تتمتع به من أناقة ودقة في التفاصيل وثراء من حيث المواد المستخدمة. عرف الجامع الكبير سلسلة من التعديلات، وصولاً إلى توسعته في عام 723 على يد الخليفة الأموي في قرطبة. ثم هدم في عام 774، ولم يبقَ منه سوى محرابه. وكانت إعادة الإعمار الأخيرة في 836. ثم تم كثير من أعمال الترميم والتوسعة، منها ما تم نتيجة الحرائق والدمار الذي ألحقه الخوارج.
ارتبط اسم غرناطة في ذاكرة إسبانيا الإسلامية والمسيحية بتاريخين حزينين: سقوط آخر ممالك الأندلس الجميلة في القرن الخامس عشر، وقتل غارسيا لوركا، أشهر شعراء إسبانيا في ثلاثينات القرن الماضي، برصاص الفاشية وجنود الجنرال فرنكو.
كان لوركا شاعر الأغنية والحرية، خصوصاً أغاني الغجر، ومنها «أنشودة القمر». ويخامرني شعور بأن عبد الوهاب البياتي استوحى منها عنوان تحفته «أنشودة المطر». ولا تزال مدينة «الرمان» هذه، التي يقال إن اسمها اشتق منها، مدينة القصور الإسلامية العظيمة، وأهمها وأجملها قصر الحمراء، الذي يجتذب كل عام العدد الأكبر من زوار الأندلس.
أشهر أشياء غرناطة كانت مواعيدها مع الأحزان والفقدان. وفي 2 يناير (كانون الثاني) 1492 يحب أبو عبد الله الصغير حصانه وأدار ظهره لقصر الحمراء ماضياً إلى منفاه، وإذ توقف الركب على تلة صغيرة وبدت له المدينة بجمالها وأمجادها، اغرورقت عيناه بالدموع، فارتجلت أمه عائشة بيت الشعر الخالد:
ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً / لم تحافظ عليه كالرجال
وكان استسلام غرناطة منيعاً لحكايات كثيرة تغلب عليها الأسطورة بسبب هول الحدث عند المنتصر والمستسلم. وغادر أبو عبد الله الصغير نحو المغرب تاركاً خلفه نهاية أجمل الآثار العربية. وأخيراً استقر في فاس حيث قتل في نزاع مع أحد أقربائه. ومن بين ما أحيطت ذكراه من روايات واحدة وردت في صحيفة «لاستامبا» الإيطالية عام 2019.
ظلت مملكة غرناطة، بعد سقوط قرطبة (1236) وفالنسيا (1238) وإشبيلية (1248)، الناجي الوحيد من السلطة الإسلامية في أوروبا. ورغم تلك العزلة، فإن غرناطة صمدت في ذلك الزمن بقوة وحنكة دبلوماسية حتى عام 1492. خلال هذين القرنين، ورغم كل الصعوبات، حققت الحضارة الإسلامية روائع في غرناطة تجسدت في الموسيقى والأدب وفوق كل شيء الهندسة المعمارية.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام بكاء الوقفة الأخيرة مدن الإسلام بكاء الوقفة الأخيرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon