توقيت القاهرة المحلي 23:04:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحشود والسلطة

  مصر اليوم -

الحشود والسلطة

بقلم - سمير عطا الله

سعى كثيرون من الفلاسفة إلى شرح السلوك الجماهيري في الانتفاضات الحادة، واستند المفكرون العرب في غالبيتهم إلى أشهر هؤلاء الفرنسي غوستاف لوبون. ويخيّل إليّ أن الأكثر دقة وشمولاً كان البلغاري إلياس كانيتي «نوبل 1981» في كتابه المرجعي «الحشود والسلطة»، ولا شك في أن قرّاءه كانوا يتابعون التظاهرات الأخيرة في فرنسا وهم يسترجعون فصول الكتاب فصلاً فصلاً.

الصفة التدميريّة، وفقاً لكانيتي، ليست فرنسيّة، بل هي نزعة تنتاب البشر منذ قيام الدول والمجتمعات. غير أنها اتخذت شهرتها في باريس عندما أقدم الفرنسيون على تدمير سجن الباستيل حجراً حجراً وأحرقوه وأحرقوا العاصمة. أما المدن الكبرى التي احترقت أخيراً فلم يكن لها وجود في تلك الأيام. يطلق كانيتي على الجماهير اسم «الحشود»، فعندما تحتشد الجموع يتغير سلوكها تماماً، سواء كانت تعلن ولاءها أو اعتراضها على السلطة. وكلما تعاظم حجمها فقدت صوابها وزاد حماسها ورغبتها في التكسير وتهديم المباني والبيوت والمحلات وأساسها. تفعل ذلك وهي تهتف وتصرخ ويزيد الصراخ شهوتها إلى التخريب.

تبدأ الحشود عادة وهي لا تدري إلى أي مدى سوف تصل أحجامها فيما بعد. هكذا حصل في فرنسا خلال التظاهرات الأخيرة. ففي البداية كانت محصورة في باريس ومن ثم انتقلت إلى معظم المدن الكبرى، وبينما نزل المتظاهرون إلى الشوارع إثر مقتل الشاب الجزائري استنكاراً للجريمة، تطوَّرت الأسباب بسرعة هائلة بحيث عادت إلى جذور الصراع الاستعماري والوطني بعد 60 عاماً على الاستقلال.

وجدت دولة مستقرة مثل فرنسا نفسها في محنة كبرى للمرة الثالثة أو الرابعة. وبدا وكأن عهد ماكرون كله مهدد كما حدث في مايو (أيار) 1968 أثناء الثورة الطلابيّة.

غير أن الإليزيه أكد مرة أخرى تمسّك الجمهوريّة بتقاليدها. وتجنب الرئيس اللجوء إلى حالة الطوارئ، وهي ما تلجأ إليه دول العالم الثالث لأسباب أقل من ذلك بكثير، وبعض هذه الدول لا يكلّف نفسهُ عناء رفع الطوارئ لكي لا يضطر لفرضها من جديد. وهكذا تعيش بعض الدول العربية في حالة طوارئ دائمة، ويعامل مواطنوها على أنهم موضع شك وعقاب في حالة مستمرة.

تشابهت حالات كثيرة في السنوات الماضية خصوصاً في إقدام الشرطة على القتل بدل حماية الناس، وكان أكثرها عنفاً وخطراً على السِلم الأهلي في الولايات المتحدة. والامتحان الكبير هو دائماً امتحان الدول وليس الحشود أو الجماهير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحشود والسلطة الحشود والسلطة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:53 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
  مصر اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
  مصر اليوم - حسن الرداد وإيمي سمير غانم زوجان للمرة الثالثة في رمضان 2025

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:12 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف يكشف حقيقة استقالة كارتيرون

GMT 09:06 2021 الإثنين ,09 آب / أغسطس

ارتفاع صادرات مصر من منتجات البترول

GMT 17:02 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

محافظ بورسعيد يتابع بدء تفعيل خطة التعليم عن بعد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon