توقيت القاهرة المحلي 15:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تشيكوف في الجحيم الأبيض: سيبيريا (2)

  مصر اليوم -

تشيكوف في الجحيم الأبيض سيبيريا 2

بقلم - سمير عطا الله

العاصفة تؤخر السفر وتعيقه، فالطريق موحلة ونهر إرتيش واسع. يضطر الكاتب إلى المبيت في منزل موجيك (من طبقة دنيا) آخر بسبب رداءة الطقس. هذا الفيضان بمنزلة قصاص! قيل له إن الشعب هنا جاهل وبلا موهبة. لا يجيد عملاً. شعب كئيب. بعد وصوله إلى الجزيرة يتحدث المثقف السجين المنفي الذي يجد نفسه متعاطفاً معه. يناقش مسألة النفي الرهيب بحد ذاته لأنه يستمر مدى الحياة. وهو يرى أن الإعدام في روسيا وأوروبا لم يُلغَ، بل تغيرت صورته (المواطن يموت إلى الأبد). «لدي قناعة أنه بعد 50-100 سنة سينظر إلى عقوبتنا المؤبدة بشيء من الحيرة والارتباك». في حديثه عن المرأة في سيبيريا، يرى الكاتب أنها بلا تلاوين، وباردة، ولا تجيد اختيار الملبس، ولا تغني ولا تضحك. بيوت الدعارة كثيرة، علنية وسرية.

الطريق العمومية السيبيرية هي ربما من أكبر وأحقر الطرق في العالم، يكتشف الكاتب. حذّروه من طريق كوزولوكا الخطرة وضرورة تغيير العربة والأحصنة. عربات البريد تتعرض للكثير من الحوادث، وتتضرر أكثر من غيرها. «إن سعاة البريد في سيبيريا شهداء، يعملون كثيراً ويقارعون الطبيعة. تصل القافلة إلى كوزولوكا الرهيبة، حيث تتأرجح العربات بعنف على الطرقات الوعرة»، ويسهب تشيكوف في وصف الطبيعة والغابات في «تايغا» ذات الأشجار العملاقة والطيور المهاجرة. المكان مهيب وجميل في مدينة نيقولايفسك، ونهر أمور عريض جداً، ونصف البيوت مهجورة «تتطلع إليك النوافذ المعتمة بلا إطارات وكأنها ثقوب العيوب في الجماجم». يتابع سفره على متن سفينة متوسطة الحجم لنقل البريد والجنود والسجناء والمسافرين والحمولات الحكومية. يصف بدقة جغرافية جزيرة ساخالين. فهي أكبر من اليونان بمرتين. ويعيش المنفيون في القسم الشمالي منها. يتجه نحو الساحل في زورق يسحب خلفه عبّارتين فيها سجناء. «لا خلجان هنا والسواحل خطرة». كل شيء في ألكسندروفسكي بُني من خشب. وهي بلدة هادئة يقطنها ثلاثة آلاف نسمة. ينصح الحاكم المحلي تشيكوف «الحياة هنا شاقة ومملة». يجول الكاتب في المدينة فيرى مجموعة من السجناء مكبّلة بالقيود. يحضر حاكم جديد الذي يسمح لتشيكوف بالاطلاع على كل شيء حتى الوثائق، ما عدا التعامل مع السجناء السياسيين.

يقوم تشيكوف بإحصاء للنفوس للسكان القاطنين في الجزيرة، حيث تعار أهمية كبيرة في ساخالين إلى الوضع الاجتماعي للشخص. وتنوعت الإجابات: عامل، جندي، حر، فلاح، «محكوم بالأشغال الشاقة اسمه نابليون. يكتشف الكاتب أن سكان الجزيرة نادراً ما يفصحون عن تاريخ وصولهم. «عام الوصول إلى ساخالين - عام التعاسة الشديدة». وغالباً ما يحكم على المتزوجات بالعيش بعزلة بلا زواج. أما العُزاب والأرامل فيعيشون حياة المتزوجين، ولديهم نصف دزينة أطفال. خلال تجواله في الجزيرة ومقابلة المنفيين يسأل تشيكوف أحدهم: «لِمَ يربط الكلب والديك عندكم بالسلاسل؟» فسمع الجواب: «الجميع عندنا مقيدون بالسلاسل».

إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشيكوف في الجحيم الأبيض سيبيريا 2 تشيكوف في الجحيم الأبيض سيبيريا 2



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon