توقيت القاهرة المحلي 07:40:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محطة القطار الأخيرة

  مصر اليوم -

محطة القطار الأخيرة

بقلم - سمير عطا الله

عاش العالم في الزمن الورقي آلاف السنين، لا نعرف تعدادها بدقّة، إبان السنوات أو القرون الأولى. إن اكتشاف الصينيين للورق كان محاطاً بسرّية كاملة، كما كان مقتصراً على رجال الدين البوذيين. غير أن وصول الورق إلى أيدي العرب نقلهُ من صناعة سرّية إلى إحدى أهم الصناعات الحضارية في التاريخ.


كان ذلك في السنوات الأولى من عهد هارون الرشيد، يوم بغداد في عزّ ازدهارها العالميّ. تسرب السر إلى العرب بعد معركة طلاس «كازاخستان اليوم» عام 751. انتصر العرب في تلك المنازلة واستسلم عددٌ كبيرٌ من الصينيين الذين تحولوا إلى فنيين وخبراء في هذه الصناعة. انصرف العرب إلى تطوير هذا الفن الجديد. وبينما كان الصينيون يستخرجون الورق من شجر التوت الذي لم ينجح نموّه في العالم العربي، عثر العرب على مصادر أخرى في الأقمشة وغيرها.

تركزت هذه الصناعة في البداية في مدينة سمرقند «أوزبكستان اليوم» وازدهرت على طول طريق الحرير، لكنّ الرشيد سرعان ما نقل هذه الحركة الهائلة إلى بغداد نفسها.

وفيها أقام أول مكتبة عربية. ولم يكن ولدهُ وخليفتهُ أقل شغفاً منهُ. فأخذ يُنشئ بيوت الحكمة ومراكز المعرفة ومعاهد العلوم.

وما لبث الورق أن عرفَ عزّهُ الأكبر عندما تقرَّرَ أن تُطبع عليه نسخ من القرآن الكريم. وبسبب ذلك ظهر فنٌّ جديد هو فن الخطوط متعددة الأشكال، التي أتقنها العرب في منافسة اللوحات والرسوم عند الغرب والهنود، وكان إنتاجها أقل تكلفة بكثير من الوسائل الأخرى كالجلد وورق البردي.

تسارعت الحَضارات في التلاقح، وكثرت الترجمات، وظهرت التحف الأدبية مثل «ألف ليلة وليلة» و«كليلة ودمنة». وعندما نشرت إحدى صحف باريس «ألف ليلة وليلة» على حلقات، كان المتظاهرون يهاجمون مطبعة الصحيفة من أجل الحصول على الفصل التالي قبل نزوله إلى الأسواق.

بسبب هذه الورقة الخفيفة شاعَ العلمُ في كل مكان، وتكدست الآداب، وانكسرت العلوم، وعمّت الجامعات في أنحاء الأرض.

أفضى الورق إلى الكتاب، وأفضى الكتابُ إلى المعرفة، وأفضت المعرفة إلى التطور البشري. وهو تطورٌ لم يتوقف لحظة واحدة. ظلَّ يتقدم على نحوٍ خيالي حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. لا ضرورة بعد الآن للورق ولا للحبر.

شيءٌ من السحر حلّ محل «الرّزَم» الضخمة، والمعروف أن كلمة «رِزَم» العربية تُستخدم بالفرنسية والإنجليزية. غداً يكتبُ الناس عن الورق كما نكتب الآن عن العصر الحجريّ. الخاسرون هم الذين يفوتهم القطار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محطة القطار الأخيرة محطة القطار الأخيرة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon