توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بلا أفق

  مصر اليوم -

بلا أفق

بقلم - سمير عطا الله

بعد خروج فرنسا من الجزائر أوائل الستينات، ظلت تصدر في باريس لسنوات عدة صحيفة تدعى «مينوت» (الدقيقة). كانت «مينوت» في حجم تابلويد، غليظة الإخراج، ثقيلة الورق، بشعة الأسلوب، كريهة المحتوى. وكانت تمثل اليمين الفرنسي المتطرف، الشديد العنف والكثير الغباء.

كل صباح كان على شارل ديغول أن يطّلع على جميع صحف فرنسا، كرئيس للجمهورية. لكن زوجته كانت تترفّق به وتقوم قبله إلى مجموعة الصحف الصباحية، وترمي «مينوت» في الزبالة. تخيل يوماً يبدأ بقراءة «مينوت». من ذلك العنف اللفظي التافه والمتوتر كان يتولد عنف اجتماعي وسياسي وتخلف. لكن في مدينة «الثقافة والنور»، ظلت «مينوت» صحيفة هامشية لا تتمتع باحترام المحترمين. ثم انطفأت، وانطفأت معها مطبوعات أخرى من هذه الفئة، في اليسار وفي اليمين. وسادت صحف الوسط وما يسمّى، على الطريقة الفرنسية، اليسار الوسط، وتراجعت بصورة عامة ظواهر النزق، ومظاهر المرض النخبوي في الادعاءات والسفسطة. وفي ذروة تلك التفاهات، انتسب مثقف في حجم جان بول سارتر، إلى الماوية و«الثورة الثقافية» في الصين، التي كانت قضيتها الأولى تحطيم الرسوم والموسيقى الكلاسيكية، وذهب في سبيل ذلك مليونا قتيل. على الأقل.

على نحو ما، تساوى سارتر مع «مينوت» في الموقف من الطمأنينة البشرية والمستويات الثقافية. ولم يكن ثمة فارق يُذكر، بين اليمين الفائق الغباء واليسار الفائض التفاهة. ودفعت فرنسا، كما الصين، ثمن العبث والعنف والحقد والحريق الذي يرافق المظاهرات مثل الموسيقى الحماسية.

تشكل الهجرة قضية اجتماعية وسياسية شديدة الخطورة في كل أوروبا. وبدأت تتحول إلى مشكلة في دول مثل تونس وليبيا والأردن ولبنان. والحل بعيد. لكنه طال أو قرب، ليس بالعنف. ولا هو في الشارع.

ولم يعد جائزاً اليوم أن تنظر إلى قضايا الإنسان بعين واحدة. الحياة كل، وليست نصفاً. والعنف ليس حلاً. لم تعد القضايا أسود وأبيض، كما في العصور الاستعمارية. كل قضية يتداخل فيها عشرون قضية أخرى. كل مدينة لها ألف هوية، وعشرون لغة، وألف لون.

فرنسا مَثَل على العجز البشري في الانصهار. ماضٍ يرفض أن يغيب، ومستقبل يرفض أن يحضر. وتزداد المعضلة تعقيداً كلما ازدادت الفروقات الاجتماعية وتكاثرت مدن الصفيح. التعايش أسهل في الأحياء المرتاحة، والنقمة أقل لدى الفريقين: ابن البلد والآخر، المسمى عندنا الوافد، أو الغريب، أو النازح، أو اللاجئ، أو بكل بساطة «البدون». تتضخم المسألة فوق نطاق الحلول عندما يصبح جميع هؤلاء بلا أفق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلا أفق بلا أفق



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon