توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحصاد القبلي

  مصر اليوم -

الحصاد القبلي

بقلم - سمير عطا الله

بعض البلدان تُعشق أيضاً من النظرة الأولى، أو من الزيارة الأولى. وقد أحببت كينيا وأنا في أوائل شبابي وهي في عز صباها الجميل. لم يكن أجمل ما فيها أكبر محمية طبيعية في العالم، ولا جبالها الضاربة في ثلوج السماء، ولا ساحِلها الأخّاذ، بل كان طيبة أهلها وبساطتهم ومعاملتهم للغريب وكأنه وصل إلى البلاد من قبلهم.

داوَمتُ على متابعة أخبار كينيا وكأنها مسألة شخصية، وليست فقط حدثاً دولياً. وكنتُ أسعد بأنها لم تنزلق إلى النزاعات مثل دول القارة الأخرى. ومع أنّ التدهور أحاط بها من الجوار القبليّ المعطوب، مثل أوغندا والصومال وزامبيا، فإنها صمدت في وجه الكوارث الأهلية، واستمرت في التطّور وأصبحت عاصمتها مقراً للأمم المتحدة.

غير أن العلّة الأفريقيّة ما لبثت أن تسرّبت إلى البلاد التي زعم البعض أنها جنّة عَدَن. وسارَ كل رئيس يأتي ومعهُ قبيلتُهُ وأحقادها ورغباتها وشهوات التسلط. وما لبثَ الوضع أن تفجّر كما في سائر القارّة، ومثل الآلاف، بنزاعات داخلية، كما قُتِلَ الآلاف من قبل في الحرب ضد الاستعمار. من حسن الحظ أن السلام لم يتأخر في العودة، وأن القتال القبليّ الرهيب لم يبلغُ ما بلغهُ في رُواندا أو الكونغو أو الصومال. غير أن الجروح القبليّة لم تندمِل. فقد أشعل القادة ناراً عميقة في هشيمٍ وسيعٍ.

أتذكر الآن ما حلّ ببلاد كلمنجارو وأنا أتابعُ ما خلفه قادة السودان عبر السنين في إثارة البراكين القبلّية. فجأةً لا يعود المواطن سودانياً أو كينياً أو صومالياً، بل يصبح من الزولو، أو من كيبركا، أو من دارفور.

ولا تعود هويته وحدة البلاد، وإنما تميّزه في طول القامة أو كبرها أو سرعة العدو في سباق الحواجز.

المؤسف أن كل ما حصل في أفريقيا بعد الاستقلال كان من صنع أبطال الاستقلال. أخفق معظم القادة في بناء رمزٍ توحديٍ ومصيرٍ واحد.

منذ موجه الاستقلال الكبرى لعام 1960 حتى الآن تتوالى نماذج الخراب، ولعل الأكثر سوءاً ما نراه في السودان، حيثُ يلغي العسكريون مفهوم الدولة، ليعودوا بنا إلى فوضى القبائل. أطاح رجالٌ مثل النميري والبشير و«دقاو»، برجال مثل الصادق المهدي العائد من أوكسفورد، أو محمد أحمد محجوب، شيخ الأدب والشعر والخلق. ويبدو أن النهاية بعيدةٌ جداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحصاد القبلي الحصاد القبلي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon